نجحت دراهم في جذب الأنظار خلال الفترة الماضية بعد أن أصبحت أول شركة سعودية تنضم لمسرعة أعمال Y Combinator؛ التي خرّجت شركات عالمية مثل Airbnb، Stripe، DoorDash، Twitch، وReddit وغيرها. ما جعلها تفتح أفقًا جديدًا للشركات الناشئة في السعودية ومؤكدة على النقلة الكبيرة في التحول الرقمي والأفكار الريادية التي تخلقها الشركات الناشئة في المملكة.
ولأن هذه الخطوة لها ما بعدها، فقد عملنا في جولة على تسليط الضوء بشكل أكبر على رحلة دراهم وخطواتها القادمة من خلال مقابلتنا للمؤسس الشريك، سلطان الخيّال.
فكرة دراهم وكيف انضمت لمسرعة Y Combinator
لاقى خبر انضمام دراهم لمسرعة الأعمال العالمية Y Combinator صدى إعلامي في الآونة الأخيرة وربما تبادر لذهن الرواد لماذا وقع الاختيار على دراهم؛ هل بسبب ميزة في الشركة فضلتها عن المنافسين أم هي منظومة التقنية المالية متسارعة النمو وعوامل أخرى؟
يوضح سلطان الخيّال بأن كون مؤسسي الشركة والفريق هم من بنوا الشركة ونموذج وطريقة عملها كانت العوامل الأبرز في اختيارها؛ حيث سخرت جهدًا للتركيز على اعتبار التشريعات ممكنة وليست عقبة في طريق الشركة خاصة وأن التطبيق يعتمد على المصرفية المفتوحة والتي لا تزال في مراحلها المبكرة، كما أن تقديم منتجها لتجربة مستخدم وتصميم مميز ساعد في ذلك أيضًا.
ويقول عن ذلك: “في مكالمة القبول ذكر شريك Y Combinator بأن أبرز سببين لاختيار فريق دراهم هو طريقة العمل السريعة والمبنية على التحسين المتكرر التي نتبعها في دراهم ومحاولتنا بالعمل مع المشرّع دون اعتبارهم كعقبة بل مُمكِّن لنا. والسبب الثاني هو جودة المنتج وسهولة تجربة المستخدم والتصميم العام والتي لم يروا كثير مثلها في المنطقة”. وأضاف: “وأيضًا تهتم YC بكون المؤسسين والفريق هم الذين بنوا المنتج النهائي بنفسهم دون مساعدات خارجية”.
وجدت دراهم قبولًا كبيرًا بين أوساط المستخدمين عند إطلاق النسخة التجريبية الأولى لتطبيقها، ربما بسبب وجود حاجة كبيرة لمثل هذه التطبيقات لتنظيم الأمور المالية للمستخدمين ولسهولة استخدام التطبيق وربطه مع مختلف الحسابات المالية.
يعلق سلطان الخيّال على ذلك، بقوله: “فكرة دراهم هي فكرة بديهية لحد كبير واستقبال الناس الرائع للفكرة هو دليل على وجود حاجة ماسة لتطبيق مالي يرتقي بعام 2022، لكن التحدي الأكبر هو التنفيذ وكيف يمكننا حل المشكلة بطريقة تكون مرضية للمستخدم النهائي”.
لم ينسَ الخيّال التركيز على تجربة المستخدم في حديثه وكونها جزءًا مهمًا في تطوير تطبيق دراهم، لاسيما وأن الهدف الأكبر من التطبيق هو تبسيط إدارة الأموال لكافة المستخدمين من مختلف الفئات. ويقول عن ذلك: “تم بناء دراهم بأحدث وأسرع التقنيات التي تمكننا من توفير تجربة جميلة وسلسة للغاية وبنفس الوقت تساعدنا على التحسين السريع والتجاوب مع طلبات وملاحظات المستخدمين المستمرة”.
وكما هي العادة، لم تأت فكرة دراهم ذاتيًا. فقد كانت مشكلة شخصية للخيّال والعديد من الأشخاص حوله والكثير غيرهم، كون عدم معرفة الشخص لوضعه المالي بالكامل يُعد مشكلة كبيرة، كما أنه لا يوجد حلول جيدة تساعد على إبقاء المستخدم على إطلاع بكافة التفاصيل المتعلقة بمصروفاته وأمواله. وقد حفز هذا الأمر الخيّال على التحدث لشريكه في التطبيق ياسر الشريهي للبحث عن فكرة تساعد المستخدمين ليكونوا على دراية كاملة بوضعهم المالي بسهولة.
يتحدث الخيّال عن تفاصيل هذه القصة التي ألهمته لتأسيس التطبيق بقوله: “بدت دراهم كمشكلة شخصية وبعد التحدث إلى كثير من الناس اتضح لنا بأن المشكلة تواجه جميع فئات المجتمع؛ عدم معرفة وضعك المالي مؤرق جدًا وللأسف لا توجد حلول جيدة تخدم المنطقة. فبعد التحدث لشريكي المؤسس ياسر الشريهي قررنا البحث عن الفكرة أكثر وبمرور كل يوم زاد حماسنا بحل المشكلة حتى ظهرنا بمنتج فعلي قابل للاستخدام والمتوفر اليوم على متجر آبل للتطبيقات”.
دراهم والمصرفية المفتوحة والوقت
تُعد المصرفية المفتوحة تقنية ثورية في التعاملات البنكية بدون شك، لكنها لاتزال في مراحلها المبكرة خاصة في منطقتنا العربية. وظهرت مؤخرًا بعض التشريعات التي تعمل على تنظيم هذه التقنية خاصة في الإمارات والبحرين وبطريقها للمملكة، ما يعني أن تبني التقنية يجب أن يخضع للتشريعات المعمول بها، وبالتالي ربما يكون هناك حاجة لوقت أكبر لتصل للمستوى المطلوب.
ويعي فريق دراهم هذا الأمر وكيف يمكن للشركة تجاوز عقبات المصرفية المفتوحة وتأخر تبنيها في المملكة؛ حيث بسؤاله عن مدى تأثر الشركة في حال تأخرت المصرفية المفتوحة، أجاب: “دراهم أُطلقت فعلًا في السعودية عبر رفع كشف الحساب ولكن المصرفية المفتوحة ستسهل استخدام التطبيق 10 أضعاف. لدينا الوقت الكافي لتحسين وتطوير دراهم حاليًا، وفور توفر المصرفية المفتوحة مع أغلب البنوك فهو مجرد تحديث سريع على التطبيق عملنا عليه أكثر من عام تجهيزيًا سوف يوفر الخيار بشكل مباشر للمستخدمين الحالين”.
يضيف الخيّال: “بلا شك المصرفية المفتوحة وسرعة طرح البنوك لها هي مخاطرة نواجها، ولكن دراهم الآن يعمل في الإمارات وقريبًا في البحرين وهذا يمنحنا قليل من الوقت للعمل والتحسين لفور توفر المصرفية المفتوحة بالسعودية”.
تأثير وتأثر المستثمرين
يُعد انضمام أي شركة ناشئة حول العالم إلى مسرعة Y Combinator علامة مميزة خاصة وأن عشرات الشركات الناجحة قد انضمت للمسرعة في مراحلها المبكرة. لكن الخيّال يرى أن الأهم هو أساسيات وأداء الشركة رغم ما تقدمه Y Combinator للشركات الناشئة، ويشير إلى أن الهدف الأسمى هو الحصول على ثقة العملاء من خلال توفير منتج يساعدهم ويناسبهم ليضيف قيمة لحياتهم اليومية بغض النظر عن باقي الأمور ومنها النظر إلى المستثمرين للحصول على دعمهم.
وعند حديثه عن الفرق الذي يشكله انضمام الشركة الناشئة إلى Y Combinator وانعكاسه على توجهات المستثمرين، يقول: “أساسيات وأداء الشركة هو المؤشر الأساس والاهم، مع YC أو بدونها، همنا الوحيد هو إرضاء العملاء وتوفير منتج رائع يضيف قيمة لحياة الفرد اليومية. ولسنا وحدنا نقول هذا الكلام، بل YC تذكر لنا نفس الشيء، فهدفنا ليس جمع المال من المستثمرين بقدر ما هو خلق تجربة بنكية فريدة”.
وفي نفس الوقت لم ينكر الخيّال فتح المسرعة لأبواب كثيرة أمامهم وتأثيرها على آراء المستثمرين، ويعلق على ذلك: “بالطبع إيمان YC كمستثمر عالمي بهذا الحجم منحنا مفاتيح لأبواب كثيرة ووفر علينا بعض الوقت وأيضًا رفع التوقعات بشكل نرجو تحقيقه والتفوق عليه بإذن الله”.
يعزز الخيّال فكرته التي تركز على بناء رواد الأعمال في قطاع التقنية المالية لأفكارهم وخلق نماذج عمل مهمة لحياة الناس هو العامل الأهم للنجاح ولجذب الاستثمارات، بقوله إن الاستثمارات ستأتي لا محالة من تلقاء نفسها في حال وجود نموذج عمل وفكرة ناجحة. ويوجهه نصيحته لرواد الأعمال، قائلًا: “محاولة تجاهل كل الصخب الاستثماري والتركيز على صنع منتج ترغب الناس في استخدامه فعلًا ومحاولة اختباره بأقل التكاليف وأسرع وقت، إذا نجحت بهذا الإخراج، فالاستثمارات سوف تأتي من نفسها دون شك”.
رغم اختلاف الأفكار في قطاع التقنية المالية، إلا أن الاستثمارات في السنوات الماضية لم تتركز على نموذج واحد، فقد توزعت بين التوجه نحو خدمات الدفع، الحلول المصرفية، المصرفية المفتوحة، وغيرها. وشهدت قطاع التقنية المالية في المملكة خلال الفترة الماضية انجاز أكبر عدد من الصفقات الاستثمارية، فيما كان مع التجارة الإلكترونية الأكثر جمعًا للأموال من مستثمري رأس المال الجريء.
التوسع…
تتسم معظم الشركات الناشئة وخصوصًا في القطاع التقني بتوسعها في أسواق مجاورة بعد تحقيق نجاح محلي، وهو الأمر الذي تسعى دراهم له قريبًا وتدريجيًا لكن بسرعة وفقًا لما أشار له سلطان الخيّال.
ويتحدث الخيال عن ذلك قائلًا: “هدفنا الأول هو التحرك بسرعة لذا نحن حاليًا في ثلاث من دول الخليج، وفور تحقيق نجاح فيهم بإذن الله سنتوسع تدريجيًا لدول مجاورة أخرى”.
كما يرى أن هذا الأمر سيساهم في جعل دراهم المنصة الأكثر استخدامًا للعمليات البنكية اليومية خلال السنوات الخمس القادمة مع توسعها نحول كافة أرجاء العالم، معلقًا على ذلك بقوله: “نهدف أن تكون منصة دراهم هي الأولى استخدامًا للعمليات البنكية اليومية وهي المنصة التي تسمح لك بجمع كل حساباتك الجارية والاستثمارية في مكان واحد وهدفنا أيضًا هو تصدير دراهم للعالم أجمع”.