مقالات

جدول الاستحقاق Vesting Schedule

رغبة منها في استقطاب الكوادر المميزة، تلجأ الشركات الناشئة لتخصيص جزء من أسهمها كمنح للموظفين أو المستشارين، ويتم ذلك من خلال ما يسمى Employee Stock Option Plan (ESOP) أو Stock Incentive Plan (SIP). وكثيرًا ما تلجأ الشركات الناشئة لمنح الأسهم كتعويض للموظفين عن الرواتب العالية التي تعرضها جهات أخرى ذات قدرة مالية قوية. ومعلوم أن منح الأسهم يساعد الشركات الناشئة في توحيد مصالحها ومصالح العاملين لديها، خاصة أن نموها يؤدي إلى ارتفاع قيمتها السوقية، وهو ما يعني ارتفاعًا في قيمة السهم، وفي هذا مصلحة الجميع. وغالبًا ما تجري اتفاقية منح الأسهم في جولات Series A وتستمر لما بعدها.

يعتبر جدول استحقاق الأسهم جزءًا لا يتجزأ من جميع اتفاقيات منح الأسهم للموظفين. فعبر الوثائق المبرمة، تقوم الشركة الناشئة بإنشاء جدول خاص وفق قواعد محددة يتم عبرها تبيان المدة اللازمة أو الأهداف المحددة التي يجب استكمالها قبل أن ينال الموظف الملكية الكاملة أو الجزئية لأسهمه في الشركة. وتساعد هذه الوثائق الشركةَ في تحقيق أهدافها، علمًا أن طريقة منح الأسهم تختلف من شركة لأخرى. وغالبًا ما يرجح تحديد جدول الاستحقاق على فترة أربع سنوات، إذ يتم استحقاق ربع الأسهم (25٪) بعد سنة من العمل one year cliff، فيما يستحق متبقي الأسهم (75٪) على فترات متساوية خلال السنوات الثلاث التالية (شهري أو كل ربع سنة).

يتم تقسيم جداول الاستحقاق إلى ثلاثة أصناف أساسية نقدم تفصيلًا لكل واحد منها في الفقرات التالية:

 

  • الاستحقاق الفوري Immediate Vesting

مثلما يدل على ذلك اسمه، يشير الاستحقاق الفوري إلى امتلاك الموظف لحق الملكية الكاملة أو الجزئية للأسهم لدى الشركة، وذلك بشكل آني دون انتظار بلوغ زمن أو أهداف محددة في المستقبل. وبعد نيل الاستحقاق الفوري يصبح هذا الامتياز ساري المفعول من لحظته مع صعوبة إمكانية التراجع عنه. ويمنح الاستحقاق الفوري عادةً لمن استثمر مبلغًا ماليًا أو عينيًا في الشركة، إذ يتحول هذا المبلغ إلى حصص ثابتة ومستحقة في الشركة. وقد يتم منح أسهم ذات استحقاق فوري لموظف قضى وقتًا مهمًا في الشركة وأصبح ذا أهمية لاستمرار نجاحها وتطورها.

ورغم أن بعض الأسهم تكون ذات استحقاق فوري، إلا أن هناك قوانين تحد من عملية التصرف بهذه الأسهم دون علم المساهمين والمستثمرين. فبعض صناديق الاستثمار مثلًا تطالب بوضع جدول استحقاق على أسهم المؤسسين قبل تفعيل استثماراتهم في الشركة حفاظًا على الكوادر الأساسية (Key Employees). وحري بالذكر، أن الكثير من صفقات الاستثمار الجريء تحدث بسبب إيمان المستثمرين بفريق العمل، فيصبح الحفاظ على هذا الفريق أساسيًا لدى المستثمر. ففي حالة الـReverse vesting schedule  مثلًا، يكون لدى الشركة حق شراء الأسهم ذات الاستحقاق الفوري في حالة مغادرة صاحبها للعمل قبل الجدول المحدد. أما في حالة الـ Lock up period فلا يسمح للملاك بيع أسهمهم في الشركة لفترة معينة.

 

  • الاستحقاق المشروط المُعجّل Cliff Period

على عكس الاستحقاق الفوري الذي لا يشترط قضاء فترة معينة قبل نيل الملكية الكاملة على الأسهم، يشير الاستحقاق المشروط المعجل إلى حصول الموظف على الملكية بعد استيفائه لمدة معينة من العمل داخل الشركة كما هو موثق في جدول الاستحقاق، ويسقط هذا الحق إذا غادر هذا الموظف الشركة قبل المدة المحددة في جدول الاستحقاق أو تم إنهاء خدماته بطريقة شرعية. وفي الشركات الناشئة، يدخل الاستحقاق المشروط المعجل Cliff Period حيز التنفيذ عادةً في أول سنة عمل، مع خضوع ما نسبته 25% من الحصص لهذا الاستحقاق. وبعد إتمام سنة كاملة، يحق للموظف أو المؤسس التصرف في 25% من الأسهم المستحقة.

  • الاستحقاق المُتدرج Graded Vesting

يمكِّن الاستحقاق المتدرج صاحبه من نيل ملكية الأسهم بطريقة متدرجة تتطور مع الوقت لتصبح كاملة بعد أن يقضي في الخدمة زمنًا معينًا يكون قد حُدد سلفًا في جدول الاستحقاق الذي تضعه الشركة. وقد جرت العادة في العديد من الشركات أن يتم تطبيق الاستحقاق المتدرج بعد الـ Cliff period، ليبدأ بعدها الاستحقاق المتدرج ابتداء من العام الثاني على منحه حق في الأسهم، وعادةً ما يوزع الاستحقاق المتدرج على ثلاث سنوات في الشركات الناشئة، ويكون إما شهريًا أو كل ثلاث أشهر (ربع سنة).

وهناك أنواع أخرى من الاستحقاق يتم إنشاؤها وفقًا لاحتياج الشركة ونوع عملها، فبعض جداول الاستحقاق مثلًا تتم من خلال تحديد أهداف معينة يتم بناءً عليها منح الموظف أو المستشار أسهمًا في الشركة، ويكون هذا النوع غير مرتبط بفترة زمنية معينة.

 

فوائد جدول الاستحقاق واتفاقية منح الأسهم

تظهر التجارب العملية أن لجداول الاستحقاق فائدتين رئيسيتين – على الأقل – تجنيهما الشركات الناشئة إذا اعتمدت هذا النوع من التنظيم في علاقتها مع الموظفين والمستشارين.

وتتمثل الفائدة الأولى في تشجيع الموظفين على الاستمرار في العمل مع الشركة لمدة طويلة، لأنه وبموجب جدول الاستحقاق، سيتطلع الموظف إلى نيل الملكية الكاملة أو الجزئية على أسهم أو مكافآت تلك الشركة في المستقبل، أي بعد استنفاذ المدة القانونية المتضمنة في جدول الاستحقاق، والتي غالبًا ما تخدم مصلحة الشركة.

أما الفائدة، الثانية فتتجلى في حصول الشركة على وقت كافٍ لتقييم كفاءة الموظف، والتأكد من وجاهة قرار توظيفه، قبل منحه الحق في بعض أسهمها. وبناء على جداول الاستحقاق، تشترط الشركات في الغالب أن يقضي الموظف سنة واحدة على الأقل في الخدمة قبل تمكينه من أهلية الحصول على ملكية الأسهم والحوافز التابعة لها. وفي حال أثبت الموظف جدارته، تكون ثقة الشركة فيه صائبة ولا تذهب الأسهم التي سيمتلكها فيما بعد ضد مصالح الشركة. أما إذ لم يُثْبِت أهليته، وقررت الشركة صرف النظر عنه، فإنها وإن خسرت بعض الوقت في توظيفه، لا تخسر قيمة الأسهم والمكافآت التي كان ممكنا أن ينالها ويغادر.

 

أفكار عامة عن جداول الاستحقاق

بناء على ما سبق، يتضح أن لجداول الاستحقاق دورًا مهمًا وحيويًا في التخطيط لاستقطاب والمحافظة على الكوادر المميزة. فبموجب هذه الجداول، تضمن الشركات من جهة، حدًا أدنى من الأمان في عدم تخلي الموظفين عنها عند أول فرصة ممكنة وأن يعمل الموظف بطريقة يستشعر فيها ملكيته للشركة، مما يكون دافع أقوى من علاقة الموظف لشركة لا يملك جزءًا منها. ومن جهة أخرى، يتكون لدى الموظفين حافزًا ماديًا يتطلعون للحصول عليه في المستقبل، فيكون وقودهم الذي يعززون به المردودية، وزادهم الذي يطورون به الإنتاج كمًّا وكيفًا.

ننصح الشركات بمنح أسهم للموظفين المميزين وكتابة خطة منح أسهم تخدم استراتيجية الشركة وتساعدها في تحقيق أهدافها، وعلى المؤسسين دراسة هذ موضوع منح الأسهم وجدول الاستحقاق بشكل جدي واستخدامه لتقليل تكاليف الأجور، للحفاظ على الشركة وتوحيد الجهود لنموها وتطورها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى