تتنوع المعايير التي تحكم تقييم الشركة الناشئة ومدى جاذبيتها لتكون الوجهة التالية للمستثمرين، ويعد المعيار الأول والأهم هو استقرار الوضع القانوني لها. فعندما عملت على جانبي الطاولة، وفاوضت لصالح الفريقين؛ جانب المستثمرين وجانب رواد الأعمال، عملت في الجانب الأول على تقارير نفي الجهالة والتقييم القانوني للشركات واستخدمت هذه المعرفة في العمل لصالح رواد الأعمال وتأهيل الشركات الناشئة لتكون جاذبة للاستثمار وتجتاز فحص نفي الجهالة، لذلك أضع بين يديك 5 معايير ضرورية على فريقك القانوني أن يؤهل شركتك بها خلال مرحلة استهدافك لجذب الاستثمارات:
أولًا: الوضع القانوني لكيان الشركة
ترتبط ريادة الأعمال بمفهومين أساسيين: الأول هو الابتكار، والثاني هو السبق، واندماج العاملين ينتج عنه رواد أعمال بارعين في بناء نموذج العمل وإثبات المفهوم، وتشغيله، وتطويره. لكن تفوتهم العناية بتحضير الأوراق القانونية التي تحدد وضع الشركة، خاصة مع أتمتة الإجراءات وإصدار السجلات التجارية في 180 ثانية، وقرار وزارة التجارة باعتماد عقود التأسيس فوريًا دون مراجعة، وتحميل أصحاب الأعمال مسؤولية تدقيقها وتنفيذها. (هنا)
إن اعتماد (الإجراء الإلكتروني) في ظل الخدمات الحكومية الالكترونية لايكفي لضمان سلامة موقفك؛ إذا لابد من أن تتأكد تطابق الإجراء المعتمد مع ممارساتك وأهدافك، وهذه أهم النقاط التي على فريقك القانوني الداخلي تدقيقها وتأهيليها فيما يتعلق بالوضع القانوني لكيان الشركة:
- نوع الشركة: على فريقك القانوني الداخلي التحقق من أن نوع الشركة المحدد في السجل التجاري يتوافق مع ثلاثة أمور، الأول أهدافك، والثاني رؤيتك، والثالث ممارساتك.
- علاقة الشركاء: يدقق ويصحح فريقك القانوني وضع الشركاء المسجلين، ونوعية الأسهم، وقيمتها، وتوزيع الصلاحيات الإدارية، والصلاحيات المالية ويتأكد من تسجيلها في عقد التأسيس وفقًا للممارسة الحقيقية. إن عقد التأسيس هو أول ورقة يطلبها منك المستثمر، وأول مؤشر يحكم بناء عليه، ومن المفهوم أن الشركاء في بدء تأسيس الشركة يتعاونون بالعمل وبدون أدوار واضحة وصلاحيات محددة، إلا أن ذلك لن يكون مقبولًا في مرحلة استقطاب الاستثمار، خاصة أنه قد يستدعي خوض الشركاء/الأصدقاء محادثات غير مريحة في تفصيل الأدوار، ومن المفيد أن تكون هذه المحادثات بإدارة الفريق القانوني تلافيًا لأي سوء فهم أو وقوع حرج.
- عقود أسهم الموظفين: على الفريق القانوني أن يتثبت من عقود أسهم للموظفين، وتصميم البرنامج بما يتوافق مع أنظمة وقوانين المملكة العربية السعودية في حال كانت الشركة مسجلة فيها (نظام الشركات ولائحة حوكمة الشركات تحديدًا) ومراعاة الفارق بين الممارسة المالية والنص النظامي السعودي، أو وفق الأنظمة التي تخضع لها الشركة بالمواءمة مع السجل التجاري وعقد التأسيس.
ثانيًا: الوضع القانوني لنشاط الشركة
التراخيص: من المهم ملاحظة أن اعتماد إضافة النشاط إلى السجل التجاري من وزارة التجارة ليس بالضرورة ترخيصًا بممارسته، وسيتعين على فريقك القانوني التحقق من تعريف أنشطة الشركة وفق (الدليل الوطني للأنشطة الاقتصادية ISC4)، ثم متابعة ما يستلزم استخراج تصاريح، ومتابعة ما يستجد من تراخيص، لأن كثيرًا من الأنشطة قد لا تستلزم تراخيص وقت بدء النشاط، لكن أثناء تشغيله وتطويره يصدر نظام أو قرار يتطلب إصدار ترخيص، أو أن تكون عملية تطوير نموذج العمل متطلبة لترخيص جديد، وهنا على فريقك القانوني أن يكون يقظًا، ومتابعًا للمستجدات النظامية.
حقوق الملكية الفكرية: على فريقك القانوني تعريف أصولك الفكرية، وتسجيلها، ومتابعة إعادة الترخيص باستخدامها، وتضمين ذلك في ملف الأصول الفكرية لملف الاستثمار.
ثالثًا: الوضع القانوني لمطالبات الشركة
اطلب من فريقك القانوني إعداد ملف يتابع المطالبات، بحيث يتضمن الملف كافة المطالبات القائمة من غرامات أو رسوم حكومية، أو قضايا منظورة، أو قضايا محكوم فيها. سيطلب منك المستثمرون هذه البيانات لاستخدامها في قياس المخاطرة، لذلك الإفصاح والدقة لازمان لأن معظم الفرق القانونية للمستثمرين تضيف بنودًا تضمن للمستثمر حق الانسحاب وحتى التعويض في حال لم يكن ملف المطالبات القانونية شاملًا ودقيقًا.
رابعًا: الوضع القانوني لممارسات الشركة وثقافتها
وذلك ما نسميه في الإدارات القانونية (تقرير التدقيق القانوني Legal Audit Report)، حيث يسجل فيه فريقك القانوني تلخيصًا للالتزامات الواقعة على الشركة في سياساتها الداخلية، وفي عقود الموظفين، ومدى كفاءة الحوكمة. وهنا نعني بالتحديد: دليل الصلاحية الذي يسند لكل مسمى وظيفي بنودًا محددة من الصلاحيات الإدارية والمالية (بالتوافق مع عقد التأسيس). ومن المهم الإشارة إلى أن هذا التقرير لا يقيس الالتزام، فالمستثمر لا يهتم في هذه المرحلة بالتزام الشركة بسياساتها الداخلية لأنه يسعى إلى تطويرها، بل يقيس ثقافتها كما هي.
خامسًا: الوضع القانوني للعلاقات التعاقدية
سيتوجب على فريقك القانوني إنشاء جدول شامل بكافة العقود التي تكون الشركة طرفًا ملتزمًا فيها، وكذلك العقود التي تكون مسؤولياتها مشتركة مع أطراف ثالثة، ويمكن لفريقك استخدام هذا النموذج:
# | عنوان العقد (يُرفق العقد ) | تاريخ نشوء الالتزام | تاريخ نهاية الالتزام | نوع الالتزام (مالي، تشغيلي تقديم خدمات، إشرافي..) | الطرف المقابل |
مثال | عقد تنفيذ تطبيق إلكتروني لرفع المطالبات
(Subcontractor) |
1 يناير 2022 | 31 ديسمبر 2023 | مالي | شركة X لتقنية المعلومات |
مثال | عقد تنفيذ تطبيق إلكتروني لرفع المطالبات | 1يناير 2022 | 31 ديسمبر 2023 | تشغيلي – تنفيذ خدمات | جهة حكومية |
نلاحظ في المثالين السابقين أن العقدين تراتبيان على نفس المشروع، وذلك يعني أن التزامات الشركة الناشئة مع الجهة الحكومية يترتب عليها التزام شركة X لتقنية المعلومات مع الشركة الناشئة، وهذا في معايير الاستثمار يعني (مخاطرة أعلى) خاصة مع عدم وجود فارق زمني بين العقدين، حيث إن فشل الشركة الناشئة في تحقيق التزاماتها مع الجهة الحكومية قد يترتب عليه سحب المناقصة إن سلمت من الغرامات أو التعويضات، وهذا بالمجمل يساهم في تشكيل صورة واضحة عن الالتزامات التعاقدية على الشركة الناشئة المستهدفة بالاستثمار، وأود أن أؤكد أن هذه الالتزامات حتى مع خطورتها ليست نقطة سلبية بالضرورة، فهنا أنا لا أقيم الالتزام ولا الخطورة، بل أعطي صورة واضحة عن الوضع القانوني للعلاقة التعاقدية، مما يساعد رائد الأعمال والمستثمر على ابتكار أفضل صفقة ممكنة ومضاعفة فوائد الجولة الاستثمارية للطرفين.
هل ستكون شركتك اليونيكورن القادم؟ كُن مستعدًا.
مقال لـ:/ منال الزهراني
مستشارة قانونية واستراتيجية متخصصة في قوانين الشركات التقنية