عندما تبدأ مسيرتك ورحلتك في عالم ريادة الأعمال وخلق وبناء مشروعك الخاص، فإن أول تحدٍ تواجهه هو قلة الخبرة والمعرفة، فمهما كنت متعلما وصاحب شهادات عليا، أو ممن قرأ ودرس عن أحسن المهارات وأفضل الممارسات فإن مواجهه السوق والجمهور يختلف كليا عن أي كلام نظري.
وهنا يأتي دور كسب المهارة والخبرات ممن لديه باع طويل في عدة مجالات قد تهم مشروعك الناشئ، وأشهر وأهم الطرق المعروفة في عالم ريادة الأعمال هو اكتساب هذه المهارات والخبرات عبر السماع للمرشدين بشتى أنواعهم، وهم فئة كسبوا خبراتهم من خلال تجاربهم الخاصة أو من خلال عملهم ووظائفهم.
فالجلوس مع المرشد يساهم في جعل عقلك يتغذى بمعلومات وتجارب قد لا تجدها في المقالات والكتب الخاصة في عالم الأعمال، والمرشد يوسع من آفاق تفكيرك -الذي يكون بالغالب محدودا- عند تأسيس المشروع الخاص، فأنت (خصوصا في أول مشروع لك) لا تملك ما يملكه بعض المرشدين من تجارب وهنا تأتي فائدة التعلم منهم.
ولكن هناك تحدٍ آخر غير قلة الخبرة والمعرفة، ألا وهو تحدي إيجاد المرشد المناسب لك، والذي تعتقد بأنه سيملأ الفراغ الذي لديك في القيام بشيء معين في مشروعك لتطويره.
في هذا المقال سوف أقدم لك عزيز القارئ بعض النصائح في كيفية تهيئة نفسك قبل الجلوس مع المرشد، وأهم من ذلك من هو المرشد الذي لابد أن تختاره لتتعلم منه لتطوير مشروعك.
هذه النصائح التي أضعها بين أيديكم هي نتاج خبرتي المتواضعة في العمل في مجال ريادة الأعمال والعمل كذلك كمرشد لعشرات المشاريع الناشئة.
كيف تستعد للجلوس مع المرشد؟
المرشد بالعادة هو إنسان حاله حال بقية البشر، لديه أعماله ومشاريعه الخاصة أو وظيفته في القطاع الخاص أو الحكومي، لهذا تجد أن الجلوس معه بالعادة سيكون محدودا وقليل، لذلك تحتاج أن تستفيد منه بشتى الطرق من خلال الخطوات التالية:
- لا تكثر من السوالف الجانبية، من أحد المشاكل التي شاهدتها عند قدوم مؤسس مشروع ناشئ للجلوس مع المرشد هو الدخول في سوالف ونقاشات جانبيه قبل السؤال عما يخص مشروعه، أعلم بأن هذه المقدمة الطويلة هي إحدى صفاتنا الاجتماعية ولكن في بعض الأحيان نحتاج لتجاوزها عندما نرغب بالاستفادة القصوى من الشخص الذي أمامنا، لذلك عبارات” السلام عليكم، كيف الحال، كيف امورك، كيف صحتك، كيف عيالك، كيف وكيف …إلخ” ألغها من قاموسك وادخل في صلب الموضوع مباشرة.
- ابحث عن المرشد قبل الجلوس معه، هذا الأمر يساعدك في تحديد ما ترغب به من المرشد، فبعد قراءة سيرته الذاتية في لينكدان أو قراءة مما يكتب في الشبكات الاجتماعية يساهم ذلك في وضع تصور عن المرشد ويساعدك في طرح السؤال الذي يخص مجاله.أما الجلوس معه من دون معرفه تخصصه أو قصص نجاحه وفشله فيجعل من الاجتماع معه غير مفيد، وأحد الأمثلة التي دائما أشاهدها تحصل هو أن مؤسس المشروع يسأل المرشد مجموعه من الأسئلة البعيدة عن تخصصه وهذا ما يجعل بعض المرشدين ومن باب المجاملة أو الإحراج من يجيبون على هذه الأسئلة رغم قلة خبرتهم في المجال البعيد عن تخصصهم.هذا الأمر يجعل من مؤسس المشروع ينظر للمرشد في حال جلس مع مرشد أخر أكثر فهما للأول من نظرة ازدراء والاعتقاد بأن المرشد الأول سيئ ولا يملك أي معلومات أو خبرة، بينما يجب أن نلوم في هذه الحالة مؤسس المشروع في طرحه أسئلة في غير تخصص المرشد الأول.
- اكتب الأسئلة وجهزها قبل الجلوس معه، فكما قلنا بالسابق الجلوس مع المرشد محدود بالعادة، ويجب أن تعرف ماذا تريد أن تطرح عليه من أسئلة، ولهذا أقترح وبشدة أن تكتب كل ما يخطر في بالك من أسئلة وتجهزها للمرشد عند الجلوس معه.
- عند اختيارك لمرشد معين، فمن الأفضل أن تكون صريحاً معه وواضح عن طبيعة مشروعك، صحيح أن البعض يفضل التكتم على مشروعه خوفا من سرقة الفكرة، إلا أنني أجد بأن هذا الأمر غير مناسب عند الجلوس مع مرشد أنت تعلم بأنك ستستفيد منه، ناهيك عن أن الحديث بشكل واضح وصريح مع المرشد يسهل عليه تقديم النصيحة المناسبة لمشروعك.
من هو المرشد المناسب لك؟
قبل معرفة من هو المرشد، يجب أن تضع بعين الاعتبار بأن المرشد هو شخص يملك معرفة قد تناسب أو لا تناسب تفكيرك، فلا يعني بأن جوابه الذي سيقوله لك ولا يناسب تفكيرك أو ضميرك بأنه مرشد سيء، بالنهاية يجب أن تأخذ المفيد وتترك الذي لا يفيدك.
وأيضا يجب أن تضع بعين الاعتبار أن المرشد لا يعني بأنه مؤسس مشروع ناشئ، فهناك العديد من المرشدين المتميزين العاملين في القطاع الخاص أو حتى الحكومي ولديهم قصص نجاح وتجارب ضخمه قد تفيد في مشروعك.
هنا قائمة بنوعية المرشدين الذين أنصح بالجلوس معهم:
- من لديه مشاريع ريادية عديدة، سواء قصص نجاح أو فشل، هؤلاء الأشخاص مروا بكثير من التحديات مثل ما تمر بها أنت الآن، ولكن كسبوا خبرات من خلال تأسيس مشاريعهم الخاصة، لذلك هم من أفضل المرشدين الذي يقدمون نصائح مفيدة.
- من لديه باع طويل في مجال تخصصه، فهناك الكثير ممن أعرفهم لا يملكون أي مشروع ناشئ ولكن لديهم خبرات كبيرة في مجال تخصصهم ونجحوا في تحقيق نجاحات ضخمة، فمثلا يمكن الاستفادة ممن قام وعمل على تنفيذ حملة إعلانية ضخمة للشركة أو القطاع الحكومي الذي يعمل فيه، فمن هذا الشخص يمكنك معرفه كيف تخطط للحملات وكيف تنفذها وكيف يمكن نسخ هذه الخطط في مشروعك الناشئ.
- من لديه احتكاك مع المشاريع الناشئة الأخرى، وهنا أقصد بالأشخاص الذين عملوا في مجال مسرعات الأعمال والحاضنات وساهموا في دعم مشاريع ناشئة أخرى، هذه الفئة وبسبب هذا الاحتكاك لديهم قصص ومعرفة بالسوق تجعل الجلوس معهم مفيداً، إما للاستفادة من قصص النجاح التي سمعوا بها، أو لتجاوز الأخطاء التي وقع بها رواد أعمال كانوا ضمن الحاضنة او مسرعة الأعمال الخاصة بهم.
- المرشد المتابع لك، هناك فئة من المرشدين يفضل أن يستمر بتقديم النصح لك ومتابعه سير عملك، هذا من المرشدين النادرين جدا ولكن يعتبر مرشد حريص ويساهم في مساعدتك بالنصح والدعم المعنوي، عند اكتشافك هذا الشخص احرص على التمسك به دائما.
- المرشد الذي يربطك دائما بمرشدين آخرين، ففي بعض الأحيان يكون المرشد لديه “شلته” الخاصة من الناس التي تملك خبرة ومعرفة في عدة مجالات، وعند اكتشافك لمرشد يربطك بشلته الخاصة ومن ثم مساعدتك وتقديم النصح لك، فان هذه المرشد يعتبر ذو قيمة عالية جدا فاحرص على اختياره.
- المرشد الصريح جدا، بطبيعتنا الاجتماعية دائما نجامل ولكن في عالم ريادة الأعمال هذا التصرف غير مقبول، ففي بعض الأحيان المجاملة قد تسيئ لمشروعك وهذا يجب أن يتحاشاه مؤسس المشروع.عند اكتشافك لمرشد صريح جدا ويعطيك نصائح لا تحتوي على مجاملة اعلم بان هذا النوع من المرشدين حريص على مشروعك والأهم تقديمه لنصيحة واضحة جدا من دون تغليفها بمجاملة قد تضر مشروعك.
في الختام
رائد الأعمال هو المسؤول بشكل كلي عن مشروعه، فهو المؤسس الحريص على أن يكون مشروعه يكبر ويحقق نجاح في السوق، وهذا الطريق مليء بالتحديات والحاجة الماسة للتعلم من الخبرات التي حولك.
لذلك تذكر عزيزي رائد الأعمال بأنه لا يوجد هناك مرشد سيء أو مرشد جيد، يوجد هناك اختيار سيء أو اختيار جيد للمرشد، واحرص على أن يكون اختيارك دائما للمرشد الجيد حتى تستفيد منه وتجعل مشروعك يظهر بأجمل وأفضل صورة.