مقالات

الفرق بين صناديق الاستثمار الجريء وصناديق نمو الملكية وصناديق الملكية الخاصة

تتشابه صناديق الاستثمار الجريء (Venture Capital) وصناديق نمو الملكية (Growth Equity) وصناديق الملكية الخاصة (Private Equity) في بعض النقاط. هذا التشابه يؤدي في إلى وجود تداخل (Overlap) بين تعريفاتها فتجد في كثير من الأحيان أنه يتم التعريف بصناديق نمو الملكية على أنها صناديق استثمار جريء أو صناديق ملكية خاصة وفي ذلك صحة، ولكن الاختلاف الرئيسي بين هذه الصناديق الثلاثة يكمن في المرحلة المستثمر بها، طريقة العمل، وهيكلة الصفقات. في هذه المقالة سأكتب عن أبرز النقاط التي تميز كل من هذه الصناديق:

صناديق الاستثمار الجريء (Venture Capital):

يأتي دور صناديق الاستثمار الجريء بتقديم التمويل اللازم لاستمرارية الشركات الناشئة في المراحل الأولية (Seed, Series A, B)، حيث لا يمكن للشركات في هذه المراحل الاعتماد على نفسها وبحاجة إلى التمويل الخارجي لتعيش.  ففي المراحل الأولية تكون الشركة بنت منتجها الأولي (MVP) أو طورت منتجها بشكل كبير ولكنها لم تقم بعرض منتجها أو بيعه على العميل، مما يجعل ايراداتها معدومة أو قليلة. ونظراً لقصر عمر الشركة وقلة بياناتها، تجد أن التحليل الذي يقوم به الفريق الاستثماري لدى الصندوق يكون تحليل نوعي (qualitative) أكثر منه كمي (Quantitative). يتم المراهنة فيه على حجم السوق وقوة الفريق وقدرة الشركة على التوسع بالدرجة الأولى. ولتقييم الشركة يتم استخدام نماذج تقييم أقل تعقيداً مثل استخدام المكررات للشركات المشابه.

أما بالنسبة للمخاطرة، فإنها تعتبر عالية وأغلب هذه المخاطر تتعلق بإثبات التقنية أو نموذج العمل أو تقبل السوق والعميل أكثر من كونها مخاطر تتعلق بالتقييم. ونظراً لهذا الارتفاع في المخاطرة، فإن الصناديق تعتمد على استراتيجية السيناريو التصاعدي (Upside Scenario)، بمعنى أن الصندوق لو استثمر في 10 شركات فانه يتوقع أن تخسر خمس إلى ست شركات رأس مالها بالكامل، وتعيد شركتين إلى ثلاثة رأس مالها، بينما تحقق شركة أو شركتين عوائد عالية جداً تطغى على فشل باقي الشركات. هذه الاستراتيجية والرتفاع في المخاطرة تجعل الصناديق في المراحل الأولية تهدف إلى تحقيق عوائد عالية (8 إلى 10 أضعاف المبالغ المستثمرة). ويعد الاستثمار في الشركات الناشئة استثماراُ متوسط إلى طويل المدى تتوقع الصناديق فيه أن تتخارج من شركات محفظتها بعد أكثر من خمس سنوات.  وعادة ما تحصل هذه الصناديق على حصة أقلية في الشركات المستثمر بها، ومع كل جولة تحافظ الصناديق على حصتها أو تزيدها أو تقلل حصتها في الشركات عن طريق عدم المشاركة في الجولات اللاحقة، وهذا القرار يعتمد على استراتيجية الصندوق وعلى أداء الشركة.

صناديق نمو الملكية (Growth Equity):

يمكننا القول إن صناديق نمو الملكية تشكل نقطة تقاطع صناديق الاستثمار الجريء بصناديق الملكية الخاصة. ما يميز هذه الصناديق عن صناديق الاستثمار الجريء هو أن صناديق نمو الملكية تستثمر في جولات متأخرة (Beyond Series C) لأهداف النمو والتوسع. تكون الشركة المستثمر بها لاتزال شركة خاصة ولكن من المتوقع لها في المستقبل القريب أن تطرح في السوق العامة أو أن يتم الاستحواذ عليها.

وعلى الرغم من المتعارف عليه أن الاستحواذ يتم عن طريق الشركات الكبرى لأهداف استراتيجية مثل (جوجل، أمازون، فيسبوك، مايكروسوفت)، إلا أن هناك شركات ملكية خاصة تقوم أيضاُ بالاستحواذ على هذه الشركات لاحقاً مثل بلاك ستون ومجموعة أبولو وكي كي آر. وفي الجولات المتأخرة تقوم الشركات بجمع تمويل بقيم تتراوح ما بين 50 إلى 500 مليون دولار. وعادة ما تكون هذه الشركات قد أثبتت نموذج عملها ووصل منتجها لشكله النهائي، ولديها قاعدة عملاء كبيرة، ومن المتوقع للشركة أن تتوسع بشكل كبير وتصبح قائدة لقطاعها.

أما من ناحية الإيرادات فتصل إيراداتها لملايين الدولارات (5 ملايين دولار على الأقل) ونمو إيراداتها السنوي يزيد عن 20%. وفيما يتعلق بصافي الأرباح فقد تكون معدومة أو قليلة، ولكن من المتوقع أن تتحقق خلال الأعوام التالية. أما بالنسبة إلى التدفقات النقدية الحرة فعادة لا يوجد لدى الشركات في هذه المراحل تدفقات نقدية حرة كافية ولهذا فهي ليست مستهدفة من قبل صناديق الملكية الخاصة.

ونظراً لتوفر بيانات أكثر في المراحل المتأخرة فإن المخاطرة تكون أقل مقارنة بالمراحل الأولية، كما أن نوع المخاطرة في هذه المراحل مختلف فالتقنية والمنتج ونموذج العمل أثبت نفسه ولكن المخاطرة عادة تكون مخاطر تشغيلية أو مخاطر متعلقة بتقييم الشركة. وبما أن المخاطرة في المراحل المتأخرة أقل من المراحل الأولية فإن العوائد المتوقعة تكون أيضاً أقل مقارنة بتلك المراحل (وهذا يتوافق مع القاعدة الاستثمارية الأساسية والتي تنص على أنه كلما زادت المخاطرة يفترض أن تزيد العوائد). ويهدف الصندوق هنا إلى تحقيق عوائد تشكل 3 إلى 5 أضعاف المبالغ المستثمرة، كما أنه من المتوقع أن يكون التخارج من الشركات خلال خمس سنوات أو أقل من بداية الاستثمار.  ومثل الصناديق الجريئة في المراحل الأولية، فإن صناديق نمو الملكية تركز على مساعدة الشركات الناشئة لتحقيق أهداف محدده وتحصل على حصة أقلية (اقل من 50%)، هذه الحصة قد تستمر أو تزيد أو تنقص في الجولات التالية حسب أداء الشركة واستراتيجية الصندوق.

صناديق الملكية الخاصة (Private Equity):

تستهدف صناديق الملكية الخاصة شركات لها حصة كبيرة في السوق وتكون هذه الشركات في مرحلة النضوج، وبالتالي فإن إيراداتها لا تنمو بشكل كبير (أقل من 10% سنوياً). ويختلف نموذج عمل صناديق الملكية الخاصة عن صناديق الاستثمار الجريء (بكل أنواعه)، فعادة ما تستحوذ صناديق الملكية الخاصة على حصة أغلبية تصل إلى 100% من الشركة وتقوم هذه الصناديق بإعادة هيكلة هذه الشركات والتدخل في إدارتها وتشغيلها وتحسين أدائها وتوسيعها لمدد تتراوح ما بين 4 الى 7 سنوات، وبعد ذلك تقوم ببيع الشركة.

ونظراً لأن الصندوق يشارك في إدارة وتشغيل الشركة، تجد أن فريق الصندوق يشكل مجموعة من الخبراء في القطاع ولهم باع طويل بالمجال وخبرة تشغيلية تمتد لأعوام. وأما قيمة صفقات الملكية الخاصة فقد تصل إلى مليارات الدولارات، ولهذا فان صناديق الملكية الخاصة عادة لا تستطيع تغطية هذه المبالغ بالكامل عن طريق النقد. وأشهر نموذج تستخدمه هو الشراء عن طريق استخدام الدين (Leveraged Buyout) حيث تقوم صناديق الملكية الخاصة بأخذ قروض تشكل أغلب مبلغ الاستحواذ معتمده بذلك على أصول الشركة والنقد الموجود فيها وعلى التدفقات النقدية الحرة العالية لديها لدفع قيمة القروض، بينما يشكل الكاش المدفوع من قبل الصندوق للشركة المستحوذ عليها فقط 30% الى 40% من قيمة الاستحواذ، وهنا تكمن المخاطرة.

وقد تجد صناديق ملكية لها استراتيجية مختلفة وهي الحصول على حصة أقلية تقارب من 20% من قيمة الشركة وتدفع قيمتها بالنقد فقط (Minority Equity Buyout). ونظراً لتوفر البيانات لدى فريق الاستثمار في صناديق الملكية الخاصة، فإن فحص نفي الجهالة يكون أعمق ويعتمد على التحليل الكمي أكثر من التحليل النوعي ويكون تقييم الشركة باستخدام نماذج تقييم أكثر تعقيداً من ضمنها نموذج التدفقات النقدية المخصومة (DCF). وتكون المخاطرة في صناديق الملكية الخاصة أقل الصناديق المذكورة أعلاه وتتوقع أن تصل العوائد بحد أقصى 3 – 4 أضعاف استثمارها.

وفي الجدول أدناه قمت بتلخيص أهم النقاط المذكورة أعلاه:

صناديق الاستثمار الجريء صناديق نمو الملكية صناديق الملكية الخاصة
نوع الشركات المستثمر بها شركات تقنية أو مرتبطة بالتقنية شركات تقنية أو مرتبطة بالتقنية شركات تقنية وغير تقنية
المرحلة المستثمر بها المراحل الأولية مراحل النمو مراحل النضوج
مدة الاستثمار أكثر من خمس سنوات أقل من خمس سنوات 4 – 6 سنوات
إيرادات الشركات المستثمر بها لا يوجد أو قليل أكثر من 5 مليون دولار أكثر من 20 مليون دولار
التدفقات النقدية الحرة لا يوجد لا يوجد أو قليلة عالية
الحصة المستهدفة أقلية أقلية أغلبية
تحليل الاستثمار الأكثر استخداماً نوعي نوعي/كمي كمي
استخدامات مبالغ التمويل تطوير المنتج، تطوير الأعمال، زيادة أعضاء الفريق، تسويق تكاليف الاستحواذ على عملاء، أغراض توسع، تحسين منتج أو إضافة منتجات جديدة، وقد تستخدم لشراء حصص مستثمرين سابقين شراء حصص مستثمرين سابقين أو شراء أصول الشركة
مكرر العائد على الاستثمار المتوقع 8-10 أضعاف 3-5 أضعاف أقل من 4 أضعاف

في الختام، أود التركيز على أن التعاريف هذه ماهي إلا مجرد خطوط عريضة قد تختلف وقد تتداخل بين الصناديق، كما قد تتبنى بعض الصناديق أكثر من استراتيجية في الصندوق الواحد أو من خلال صناديق مختلفة. فعلى سبيل المثال صناديق جرافين فنتشرز تستثمر في المراحل الأولية بشكل عام ولكنها وفي بعض الأحيان تستثمر في المراحل المتأخرة عن طريق إنشاء صندوق ذو غرض محدد (SPV) هدفه الاستثمار في شركة واحدة فقط. ولذلك فإن أفضل طريقة لمعرفة استراتيجية الصندوق هي عن طريق قراءة أطروحة استثماره والتعرف على الشركات التي تم أو سيتم الاستثمار بها.


مصادر ينصح بالرجوع إليها:

  • By Bradley Miles  Break Into VC
  • CFA II, Alternative Investments Book

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى