يرتبط الاستثمار الجريء بعلاقة مباشرة بالشركات الناشئة، لكون تلك الشركات تبحث عن مستثمرين يتحمّلون مخاطر ذلك الاستثمار، ويعد أبرز تحدٍ للشركات الناشئة في وقتنا الحاضر هو تأسيس لبنة قانونية صلبة ترتكز عليها الشركة الناشئة لمواجهة التحديات القانونية لضمان استقرارها، فكون الشركة ناشئة يعني وجوب ملاءتها القانونية من ناحية تنظيمها الداخلي وجودة صياغة عَقد تأسيسها وكل ذلك لضمان استقرار الشركة داخليا وتعزيز ثقة المستثمرين فيها.
فالشركة الناشئة لن تكون جاهزة لتحمل أية أعباء قانونية تمس سمعتها في وقت جوهري بالنسبة لها (مرحلة جذب المستثمرين)، وهذا يقتضي أن تكون الشركة مليئة قانونيًا بحيث تمنع أي مشكلات قانونية قد تتعرض لها لاحقًا، وأقصد بالملاءة القانونية هنا أن تكون الشركة على اطلاع كاف بالأنظمة ذات العلاقة بالشركات والاستثمار عمومًا، وأن تؤسس معايير قانونية تتفق مع منهجها وتسير بطريقة يحميها ويعزز من موثوقيتها لدى العموم، وأن يكون ذلك النهج قريبًا من فكر الشركة وطموحها، كما يكون قابلًا للتطبيق على أرض الواقع، فأغلب الشركات التي ما زالت قيد التأسيس أو الإنشاء تنشغل بفكرة جذب المستثمرين في المقام الأول من دون أن تراعي ملاءتها القانونية على المدى البعيد، فالتصرف القانوني الخاطئ قد لا تظهر نتائجه السلبية سريعًا، بل الغالب أن تظهر تلك النتائج بعد عدة سنوات، ولا سيما في حال نشوب خلاف أو اكتشاف عجز وخلل عبر عمليات التدقيق الداخلية والخارجية، فحينئذ تكون الأعباء المادية لتغطية تلك المسائل مكلفة، وفي بعض الأحيان تعطل نمو الشركة.
ولذلك فإن البناء القانوني الجيد سيعزز نجاح الشركة الناشئة وسيضمن تحقيق مستهدفاتها، في حين أن الشركات التي لا تعير اهتمامها للجوانب القانونية تتأثر عند حدوث أي مشكلة، وتتزاحم عليها القضايا والمطالبات، بسبب عدم تنظيم أمورها القانونية داخليًا.
ومن أفضل الاستراتيجيات التي يمارسها أصحاب الشركات الناشئة تعيين محامٍ خارجي، بالإضافة إلى تعزيز البنية القانونية الداخلية في الشركة، بحيث يكون لدى الشركة أرشيف قانوني يحوي جميع الاتفاقيات والعقود والنماذج والسياسات التي تحتاجها في ممارسة نشاطها، ويكون ذلك الأرشيف مرنًا، بحيث يُستخدم ويُتداور مع عدّة عملاء وكيانات وأفراد تتعامل مع الشركة، بعد التأكد من فحصه وملاءته، وهذا يقلل من المخاطر القانونية التي قد تتعرض لها الشركة مباشرة، ويعزز سمعة الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة.
–
شارك بإعداد المقال المحامي عبدالرحمن الشريم