لأن يد واحدة لاتصفق، كثيرًا ما يبحث المؤسس في الشركات الناشئة عن شركاء لتغطية نقاط الضعف أو لإضفاء قوة على الفريق. ويتم ذلك إما بتعويض النقص وتطوير الفريق من الداخل وذلك عن طريق إيجاد شركاء مؤسسين وتكوين فريق مؤسس قوي، أو من الخارج بالبحث عن مستشارين “advisors” وتكوين مجلس استشاري. في هذه المقالة سأجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بالمستشارين في الشركات التقنية الناشئة وأنواعهم، طريقة عملهم، أهميتهم للشركة وفي أعين المستثمرين، كما سأتكلم عن الجوانب المتعلقة بمكافآتهم وتعويضاتهم واتفاقيات عملهم ،وغيرها من النقاط المهمة.
من هم المستشارون في الشركات التقنية الناشئة:
قد يكون هناك لبس في التفريق بين المستشارين “advisors” وبين “consultants” أو المكاتب الاستشارية التي تقدم خدمات محددة مثل دراسة الجدوى أو دراسة السوق وغيرها، فهذه الجهات يتم التعاقد معهم للقيام بمهمة محددة بمقابل نقدي عن الخدمة المقدمة. وعند الحديث عن المستشارين في الشركات التقنية الناشئة فإن المقصودين هم أشخاص يتم تنصيبهم كمستشارين يرشدون الشركة بشكل مستمر ودائم.
أنواع المستشارين في الشركات التقنية الناشئة:
يتم اختيار المستشار للشركة الناشئة إما لأنه معروف بخبرته العميقة سواء التقنية أو الفنية أو المالية أو القانونية في القطاع الذي تعمل فيه الشركة أو لأنه أسس شركات سابقًا في مجال مشابه أو لأنه يعمل كمدير بمنصب تنفيذي يتميز بخبرة تشغيلية في القطاع. كما قد يكون المستشار ذو اسم رنان من الممكن من خلال شبكة علاقاتها أن يفتح للشركة الناشئة أبواب كثيرة سواء مع مستثمرين أو لجلب عملاء للشركة أو لربطها مع موردين وخلافه. كما قد تعين الشركة خليطًا من المستشارين المذكورين أعلاه.
البحث عن المستشارين المناسبين:
عادة ما ما يقوم المؤسسون بالبحث عن المستشارين وليس العكس. ولأنه لا يوجد حاجة محددة أو نوع واحد من المستشارين يناسب الجميع فإنه لا يوجد سوق أو مكان يجتمع فيه هؤلاء المستشارين تستطيع الذهاب إليه كرائد أعمال لاختيار المستشار المناسب. فعملية البحث عن المستشارين ليست بالعملية البسيطة وعلى رائد الأعمال التفكير بروية كما لو كان يبحث عن شريك. كما أن عليه معرفة ما يحتاجه وما لا يحتاجه من المستشار، إضافة إلى مقابلة المستشار عدة مرات لمعرفة شخصيته وطريقة ونمط عمله وتناغم أفكاره ورؤيته مع الشركة، فمثلًا قد يكون المستشار ذو خبرة عميقة لكنه يجد صعوبة في إيصال المعلومة وتفريغ خبرته بينما قد تجد بالمقابل شخص ذو خبرة أقل ولكن رؤيته واضحة وماهر في تقديم المشورة وحل المشكلات وترتيب الأولويات. أيضًا قد يهتم المؤسسون بالسؤال عن المستشار في السوق، فكما أن بعض المستشارين يضيفون الكثير للشركة، يكون بعضهم عبء على الشركة ومضيعة لوقت المؤسس والفريق. وعند اختيار المستشارين من المفترض أن يكونوا مناسبين للمرحلة التي تمر بها الشركة الناشئة فالمستشار الذي تحتاجه الشركة في المراحل الأولية يختلف عن المستشار الذي تحتاجه في مراحل النمو والتوسع.
طريقة عمل المستشارين:
من المهم بداية ذكر أن مصطلح “المجلس الاستشاري” يعتبر فنيًا مصطلح خاطئ إلى حد ما، لأن المستشارين كمجموعة لايجتمعون بانتظام، كما أن ليس لديهم المسؤوليات القانونية أو الائتمانية كما هو الحال مع مجلس الإدارة. وإنما يلتقي كل مستشار مع المؤسس أو الفريق حسب حاجة الشركة أو الاتفاقية التي توضح دور المستشار، ومهامه ومسؤولياته وساعات عمله وخلافه. وعلى حسب ما تم نشره في موقع بنك وادي السيليكون فإن المستشار يخصص من 12 إلى 15 ساعة من وقته للشركة بشكل ربع سنوي أي مايقارب من يوم إلى يومين عمل كل ثلاثة أشهر. وهذه الساعات مرنة نوعًا ما، تزيد أو تنقص حسب الحاجة والعلاقة بين المؤسس والمستشار فمن المفترض أن يكون المستشار متواجد لمساعدة الشركة والفريق وأن تكون العلاقة ودية أكثر من كونها علاقة تعاقدية يحاسب فيها المؤسس على وقت المستشار بالدقيقة.
تعويضات ومكافآت المستشارين:
الشركات التقنية الناشئة وخصوصًا في المراحل الأولية غير قادرة على تعويض المستشارين نقدًا مقابل ما يقدمونه حيث لا يوجد لدى الشركة تدفقات نقدية من عملياتها التشغيلية وإنما يتم الاعتماد بشكل رئيسي على الأموال التي يضخها المستثمرون في الجولات التمويلية للنهوض بالشركة. ولهذا تظهر الأسهم كحل طبيعي لتعويض المستشارين ومكافأتهم على المدى الطويل. كما أنه يخلق حافز حقيقي للمستشارين وهذا مايسمى بـ “skin in the game”. وتختلف النسبة التي يستحقها المستشار حسب أهميته ودوره وأيضًا حسب حجم الشركة والمرحلة التي تمر بها. فالحصة التي يحصل عليها المستشار في المراحل الأولية تختلف عن مراحل النمو أو التوسع ، وفي كل الأحوال لاتزيد ملكية المستشار عن 1% من الشركة تكون على شكل أسهم عادية “common stock”. وقد قامت شركة كارتا وهي الشركة متخصصة بإدارة حصص الملكية ورسملة الشركات الناشئة في أمريكا بدراسة أسهم المستشارين المصدرة في عام 2019 لشركات جمعت في جولاتها التمويلية مبالغ قدرها 2 مليون دولار وأقل ولاحظت أن الإصدار الأكثر شيوعاً لهذه الأسهم هو بالشكل التالي:
- تعويض المستشارين على شكل أسهم منحة مقيدة “RSA or Restricted Stock Award” وهي أسهم يتم إصدارها بعد تأسيس الشركة وقبل أن تقوم بجولات تمويلية أو قبل أن ترتفع القيمة السوقية للشركة. ويتم شراء الأسهم من المستشار بسعر زهيد مساوٍ على الأقل للقيمة الاسمية للأوراق المالية الأساسية والذي يكون مبلغ بسيط جداً للسهم الواحد، ويمكن منح هذا النوع من الأسهم للموظفين وغير الموظفين في الشركة. وكلما انضم المستشار مبكرًا إلى الشركة تزيد النسبة الممنوحة عادةً والتي تتراوح مابين 0.2% و 1%.
- أو أن يكون التعويض على شكل منح خيار أسهم غير مؤهلة “NSO or non-qualified stock options ” وهو ما يعطي المستشار الحق بشراء أسهم محددة بسعر معين، ويمنح هذا الخيار عادةً للمستشارين وأعضاء مجلس الإدارة من غير الموظفين وتتراوح النسبة التي يحصل عليها المستشار هنا بين 0.1% و 0.5% وكلما كبرت الشركة كلما قلت هذه النسبة.
ولا يستحق المستشارين هذه النسبة من اليوم الأول وإنما على مدى مدة محددة يتفق عليها المستشار مع الشركة، فمثلا كل شهر يستحق جزء من نسبته. وجدول الاستحقاق هذا يسمى “vesting schedule” مثله مثل المؤسسين والموظفين ولكن على خلاف جدول استحقاق المؤسسين والموظفين والذي عادة ما يكون أربع سنوات فإن المتعارف عليه أن جدول استحقاق المستشارين يكون على مدى سنتين على أن لا يستحق أي شيء قبل مرور 3 أو 6 أشهر من بداية عمله ما يسمى بالـ “cliff”.
اتفاقية عمل المستشارين:
تغطي اتفاقية العمل التي يوقعها كل من المستشار والشركة على كل النقاط المذكورة أعلاه، تجدون هنا نموذج لاتفاقية عمل المستشارين يتم التركيز فيه على النقاط التالية :
- مجال خبرة المستشار
- دور المستشار ومهامه والخدمة المقدمة
- مدة العمل
- التعويضات والمكافآت والملكية
- تضارب المصالح
- المحافظة على السرية وغيرها
أهمية المستشارين لدى صناديق الاستثمار الجريئة:
حقيقة لا توجد إجابة لهذا السؤال حيث أنه رأي ذاتي يختلف حسب نوع واسم المستشار وحجم الشركة وكمية الوقت الذي يضعه المستشار في الشركة وغيرها من الأمور، كما أن هذا الرأي يختلف من صندوق لآخر وحتى داخل الصندوق نفسه. شخصيًا لا أعطي المستشارين وزن كبير ولا أتخذ قرار الاستثمار بناء على أسماء المستشارين وخبراتهم ولكن قد يكون أحد الدوافع للاستثمار خصوصًا إذا كان شخص ذو خبرة كبيرة في المجال واستثمر كذلك بالشركة لإيمانه بالفرصة. وأعتقد أنه من المهم المهم خصوصًا اذا كان المستشار مستثمر ملائكي أو شريك إداري في صندوق جريء أن يستثمر في الشركة وأن لا يقتصر دوره على الاستشارات فقط لأن عدم استثماره واكتفائه بتقديم الاستشاره يضع إشارات استفهام لدى المستثمرين الراغبين بالاستثمار في الشركة.
مراجع: