مقالات

توجهات الصحة الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2022

فيما تتصاعد وتيرة الاهتمام بتقنيات الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشاركنا جليل اللبدي، المدير التنفيذي والمؤسس الشريك في موقع الطبي الذي يُعد من أوائل المواقع العربية المختصة بتقديم محتوى الرعاية الصحية والاستشارات الطبية عن بُعد، للحديث عن توجهات الصحة الرقمية وتقنيات الرعاية الصحية في المنطقة خلال العام الحالي 2022.

تغير مشهد الرعاية الصحية بصورة جذرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار السنوات الأخيرة؛ حيث تسارعت وتيرة تبني وقبول خدمات الرعاية الصحية الرقمية في ظل جائحة كورونا. وتعد المنطقة واحدة من أسرع مناطق العالم نموًا في عدد السكان مع توقع وصول عدد سكانها إلى 591 مليون نسمة بحلول 2030.

هذا التوزيع الديمغرافي وضع أنظمة الرعاية الصحية تحت ضغط شديد وخصوصًا في مضماري تشخيص وقبول الحالات المَرضية، حيث كثفت الجائحة الضغط على الأنظمة الصحية وسلطت الضوء إلى الحاجة للابتكار وتطبيق التقنيات المتقدمة لتلبية متطلبات الرعاية الصحية المستقبلية.

الطلب على الرقمنة

أدى أثر الجائحة الذي مايزال مستمرًا والنمو السكاني السريع إلى جعل لا مفر من خلق مزيد من الابتكار في 2022، حيث يتوقع للتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي أن تواصل أثرها التحويلي على خدمات الرعاية الصحية وكذلك أن تواصل الاستشارات الرقمية النمو. أما من المنظور المالي يبدو زخم القطاع واضحًا مع وجود ارتفاع 30% في نسبة شركات الرعاية الصحية الناشئة التي تنفذ صفقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويأتي هذا في معرض وجود طلب وصفقات يتعين إبرامها مع رأس مخصص لذلك.

وتتضمن أنظمة الرعاية الصحية في المنطقة فجوات جليّة واضحة؛ فضعف بنية الرعاية الأولية على سبيل المثال أدى إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية عن بعد، حيث تمَكن هذه الخدمات الدول من مجابهة تحديات مثل توفير رعاية صحية جيدة للمناطق النائية فيها وتثقيف المجتمعات المحافظة حول الموضوعات التي تعد محرمة أو غير مقبولة في عرفهم التقليدي.  وستواصل الرعاية الصحية عن بعد في إعادة تشكيل تفاعل مواطني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع متخصصي الرعاية الصحية ورفع مستوى الكفاءة؛ عبر تقليل التخلف عن الحضور وزيادة المرونة في المواعيد.

ومن المرجح أن يزداد دعم الرعاية الصحية عن بعد من قبل السلطات الصحية المحلية في إطار الاعتراف بأهمية الحلول القائمة على التقنية في ضبط وكبح جماح التكاليف. ففي مصر قد زادت الاستشارات الطبية على إحدى منصات الصحة الرقمية بمعدل 9.5 مرة خلال الجائحة في ظل القيود الاجتماعية التي أدت إلى عزل المرضى الريفيين وتقليل الاستشارات الشخصية في المناطق الحضرية.

التشخيص المعزز بالتقنية

قد لاقى الباثولوجيا وهو علم دراسة وتشخيص الأمراض تحسنينًا كبيرًا مع تسارع تبني التقنية، ومن المتوقع أن ينمو حجم سوق تشخيص الأمراض في الشرق الأوسط بأكثر من 10% بمعدل سنوي تراكمي حتى عام 2026، مع اعتبار معدل التحضر السريع وارتفاع الدخل المتاح وزيادة حملات التوعية في منطقة الشرق الأوسط؛ جميعها عواملًا محركة لسوق تشخيص الأمراض الرقمي.

ويساعد علم تشخيص الأمراض الرقمي في تحسين التحليل وتعزيز قراءة وتصور الصور وتقليل الأخطاء؛ التي بدورها ترفع من إنتاجية الفرق الطبية من خلال تحسين آلية سير العمل وأوقات الاستجابة. وكانت الهيئة العامة للرعاية الصحية في مصر قد أعلنت في يونيو من العام الماضي 2021 عن خطط لاستخدام تقنيات تشخيص الأمراض الرقمية بغرض تحسين تشخيص واكتشاف الأورام، لتكون بذلك أول كيان مصري يقوم باستخدام مثل هذه التقنية.

الذكاء الاصطناعي؛ أثر واقعي

ستحدث التقنيات المعرفية المبنية على الذكاء الاصطناعي والتي تجتاح بالفعل قطاع الرعاية الصحية أثرًا إيجابيًا في نظم دعم اتخاذ القرار السريري والتصوير التشخيصي الطبي والقدرات التشخيصية، وستُستخدم أيضًا في استخراج البيانات وتوفير رؤية أوسع من خلال التحليل، وستكون الفرق الطبية قادرة على مراقبة استشفاء وتعافي المرضى بشمولية أكبر وبالتالي إدارة مرضى أفضل وقدر أقل من الأخطاء.

وتعد المملكة العربية السعودية واحدة من الدول الرائدة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنطقة وتتقلد اليوم مكانة جيدة تتيح لها أن تكون قائدة هذا المجال بحلول 2030؛ حيث أعلنت أن الذكاء الاصطناعي بمثابة ركن أساسي في رؤية المملكة 2030 وعن عزمها توظيف خدمات الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية. ومما لا شك فيه أن مزيدًا من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستتبني مبادرات مماثلة في 2022 مع إدراكها في النهاية إمكانيات قطاع الرعاية الصحية المدعم بالذكاء الاصطناعي.

وفي ظل دعم قادة الرعاية الصحية لتطوير الرعاية الصحية الرقمية والابتكارات فسوف يستمر النمو الاستثنائي في تطبيق الذكاء الاصطناعي والرعاية عن بعد في القطاع إلى ما بعد 2022 وحتى العقد المقبل، حيث تشهد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسوف تستمر في معايشة طلب هائل على رقمنة الخدمات الصحية، ومع النمو السكاني وفي ظل الاستثمار العام والخاص في القطاع ستواصل الخدمات الصحية المعززة بالتقنية تحسين وصول جودة الرعاية الصحية للجميع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى