للتمويل أثر مباشر قوي على نجاح شركات الاستثمار الجريء، ومع ذلك تواجه الشركات عقبات قانونية مختلفة تخص هذا المطلب. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الجوانب التمويلية القانونية للاستثمار الجريء ومناقشة التحديات القانونية والحلول المقترحة.
وسنبتدئ بالحديث عن الامتثال التنظيمي، فهو أحد أبرز التحديات التي قد تعرقل عملية تمويل شركات الاستثمار الجريء، إذ يجب على الشركات الالتزام بقائمة طويلة من اللوائح التي تضعها الجهات والهيئات الحكومية، فالامتثال لقوانين الأوراق المالية واللوائح الضريبية وقواعد مكافحة غسيل الأموال أمر ضروري للحفاظ على الشرعية والنزاهة، وضمان الالتزام باللوائح أمر بالغ الأهمية لتجنب العقوبات والحفاظ على ثقة المستثمرين وتعزيز فرص الحصول على تمويل، ولذلك فإن تخطي هذا التحدي من قبل شركات الاستثمار الجريء إنما يكون بإيجاد سبل تنظيمية داخل الشركة تعينها للوفاء بهذه الالتزامات دون تفريط.
وبالإضافة إلى ذلك تُعد قيود جمع الأموال تحديًا كبيرًا لشركات الاستثمار الجريء، حيث تحدد الأنظمة الحد الأقصى لرأس المال الذي يمكن جمعه من المستثمرين مما يحدد قدرة الشركة على جمع الأموال الكافية للنمو، ولذلك فمن الضروري تحقيق التوازن بين احتياجات جمع الأموال والقيود القانونية. ويضاهي ذلك وجود ملاءة قانونية للمستثمرين، وينبغي للشركات التحقق من المستثمرين المحتملين وأن تحدد معايير مالية وقانونية لقبول مشاركة المستثمرين في جولات التمويل لتجنب أي مخاطر قانونية قد تُفشِل جولة التمويل. وعلى إثر ذلك يجب أن تتضمن جولات التمويل علاقات تعاقدية واضحة ومحددة، وهذا يتطلب مهارات تفاوضية بارعة تتمتع بها الكفاءات البشرية في الشركة، خصوصًا في شروط المخارجة مما يحمي مصالح الشركة والمستثمرين بطريقة متوازنة.
ومن جهة أخرى فإن فهم قوانين الإقراض وتغير أسعار الفائدة يمثل تحديًا كبيرًا للشركات الطالبة للتمويل والمانحة للتمويل، لأن لوائح أسعار الفائدة يجب أن تصاغ صياغة واضحة، فعلى سبيل المثال: لو كان معدل السعر متغيرًا، فالالتزام بهذا القيد القانوني لمدة سنوات متتابعة ينطوي على صعوبة، فمن الضروري أن تحدد الشركة ذات الاستثمار الجريء مستهدفاتها وأن تكون قيودها القانونية مستوحاة من المستهدفات، لأن الأهداف المالية لن تتحقق بوجود قيود قانونية تمنعها، ولا ننسى أن مستهدفات التمويل فيها قدر كبير من المخاطر؛ من جهة أن النصوص القانونية المتعلقة بها صارمة، ففيها إلزام للشركات بالدفع ووضع ضمانات مسبقة إذا لم يتم الالتزام بالسداد، وهذا ما سنعرج عليه.
وعلى ضوء ما ذكرنا فالضمان أمر جوهري ورئيس في مرحلة التمويل، فالممول ملزم بأن يضمن دفع مبالغ التمويل، لذلك فالضمانات المقدمة من الشركة ذات الاستثمار الجريء ينبغي أن تكون مدروسة بطريقة قانونية محكمة، بالتوازي مع إدارة المخاطر والائتمان، وأيضًا يجدر بالشركات ذات الاستثمار الجريء أن يكون لديها معايير قانونية من ناحية الضمان والمهارة في تفويضها لتحقيق التوازن بين الحاجة إلى تخفيف المخاطر وضمان الوفاء بالتزامات الاطراف الممولة.
ويضاف إلى كل هذه التحديات تطور التقنية المالية، فهو تحدٍ قانوني يواجه المستشارين والشركات في الوقت نفسه لا سيما فيما يخص التمويل، فعلى سبيل المثال: قد أُلغيت غالبية النماذج التقليدية التمويلية، ولهذا تواجه الشركات تحديًا في تكييف التطور التقني مع ضمان الامتثال القانوني، فعليها إذن الالتزام بوضع معايير قانونية تتسم بالمرونة مع ضمان الامتثال للأنظمة الحكومية، وهذا يعد عائقًا في بدء التمويل واستمراره بصورة منتظمة، وأفضل حل لتلك المسألة وجود الكوادر البشرية التي تحقق ضمان الامتثال القانوني لكافة القواعد والقوانين ذات العلاقة وتتجنب أي إشكالات قانونية عملًا بمبدأ الوقاية.
ومن حيث الإجمال، فقد تواجه شركات الاستثمار الجريء تحديات قانونية في مرحلة بدء التمويل أو خلال جولاتها التمويلية لوجود صرامة في قوانين التمويل وجمع الأموال، ولكن يجب على الشركة أن تحدد مستهدفاتها بالتوازي مع المتطلبات التنظيمية وألا تغفل الجانب القانوني خلال جميع مراحل التمويل لضمان استقرار التمويل ونجاحه وهو في الأخير نجاح للشركة.
–
شارك في كتابة المقال: المحامي عبد الرحمن الشريم.