مقالات

الأخطاء الشائعة التي يقوم بها المستثمر الملائكي

خلال فترة عملي في مجال الاستثمار الجريء والاستثمار الملائكي مررت بعدد يتجاوز الألف مستثمر من مستثمرين تقليديين وصناديق استثمار جريء ومستثمرين ملائكيين ومستثمرين ملائكيين محترفين أو كما يسمون بـ “Super Angel investors”، ومن خلال التجارب المكثفة كنت أعمل على توجيه المستثمرين لعدم الوقوع في الأخطاء المتكررة وإرشادهم بالطرق الأسلم للتحليل وشرح آلية عمل الاستثمار الجريء، وهنا في هذا المقال قمت بشرح أكثر الأخطاء الشائعة التي أراها باستمرار ووجدت أنه من الضروري كتابة مقال حولها.

وهدفي هنا مساعدة المستثمر في تخطي هذه الأخطاء حتى تعطي للمستثمر فرص أعلى للنجاح في الاستثمار التقني، وأيضًا لهدف الرقي في سوق الاقتصاد الرقمي المحلي.

وسأحاول هنا ألا أذكر مصطلحات صعبة أو أكتب معادلات معقدة قد تصعب على من هو جديد في المجال، ولعله لا يتسع شرح كل شيء فقد تركت طريقة للتواصل منها حتى يقوم المستثمر الذي لم يستوعب بعض النقاط الرجوع والاستفسار.

ملاحظة لا يغني هذا المقال عن الرجوع للأشخاص المتخصصين في الأمور القانونية أو المالية، فهنا فقط شرح عام عن المشاكل ولكن كل واحدة منها تحتاج إلى مختصين.

الأخطاء الشائعة التي يقوم بها المستثمر التقليدي في الاستثمار الملائكي

 

1- قلة الخبرة في المناطق الحرة والعقود المتحولة:

بعض المستثمرين التقليديين يرفضون التعامل مع الشركات المسجلة في المناطق الحرة بسبب قلة خبرتهم بها وتشريعاتها أو بسبب سهولة الاحتيال فيها، ولكن 99٪ من المشاريع المميزة في المجال التقني شركاتها مسجلة في المناطق الحرة وعقودها متحولة مثل اتفاقية الـ SAFE، وعدم رغبة المستثمر بتعلمها يفقده فرص الاستثمار في مشاريع مميزة.

الشركات التقنية لها طابع خاص في الهيكلة القانونية والتأسيسية ولهذا السبب من الضروري أن يقوم المؤسس بتسجيل الشركة في المناطق الحرة لتجاوز العقبات التي قد يجدها في سلطات وقوانين البلد الذي يعمل به. وبذلك تكون هناك شركتين، شركة قابضة تكون في المنطقة الحرة وشركة محلية مملوكة من القابضة بالكامل ويكون عقد الاستثمار في الشركة القابضة.

وهنا لا أعني أن كل الشركات المسجلة في الأسواق الحرة شركات مميزة لكن المقصد أن 99% من الشركات المميزة مسجلة هناك.

لماذا المناطق الحرة؟

لا يسع هنا شرح جميع الأسباب لكن أهم 3 أسباب أراها، هي:

  1. طبيعة الشركاء: فقد يكون هناك شريكًا أجنبيًا وأغلب الشركات التقنية يوجد فيها شريك عالأقل لا يكون من مواطني هذا البلد، ولذلك يحتاج الفريق المؤسس إلى طبيعة قانونية تحل الإشكاليات التي قد تقع بسبب الصلاحيات التي تتمتع بها المناطق الحرة في الملاك ويرغب المستثمر أن يستثمر مع المؤسسين جميعًا بدون وجود شريك يشغل عمل حساس في الشركة غير مسجل رسميًا.
  2. طبيعة العقود الاستثمارية: العقود الاستثمارية في المشاريع التقنية مختلفة عن العقود التقليدية أو التملك المباشر كما هو في الشركات المساهمة المغلقة أو المحدودة أو غيرها مما هو متعارف عليها في الأسواق التقليدية، وذلك لإشكالية صعوبة تقييم الشركات التقنية لأنها لا تمتلك أصول ملموسة مما يتسبب في عدم وضوح ما هو تقييم الشركة الحالي، ولذلك أنشأت اتفاقيات عقود متحولة تحل إشكالية التقييم مثل اتفاقيات SAFE وKISS وغيرها التي يطلبها المستثمرين المحترفين (صناديق و ملائكيين) ومسرعات الأعمال العالمية مثل 500 Global وY- Combinator وغيرها، ما تجبر المؤسس أن يعمل الشركة في المناطق الحرة.
  3. الصناديق: الصناديق العالمية والمحلية على حد سواء لا يستثمرون في العادة إلا أن تكون الشركة مسجلة في المناطق الحرة، وذلك لفهم محاميهم القوانين في هذه المنطقة وحماية أنفسهم وحفظ حقوقهم في حال حدوث أمور غير قانونية لا سمح الله. وأيضًا لنفس الأسباب السابقة فالصناديق أغلب استثماراتها تكون بالعقود المتحولة. ولا يجب الاستهانة بهذا وأخذ الاعتبار أن المشاريع التقنية تحتاج تمويلًا متكررًا ولا يسع لها إلا أن تتجه للصناديق وإذا كان الأساس سيء فهنا يعني أن الاستثمار غالبًا لن يتم.

الخطأ المتكرر هنا، للأسف أجد الكثير من المستثمرين الذين يرفضون التعامل مع هذا النوع من الشركات إما بسبب جهلهم للمنطقة أو أنهم قد تعرضوا لعملية احتيال سابقة وفي كلا الحالتين يجب على المستثمر التعلم في حال أقدم على الدخول بقطاع الاستثمار الجريء أو العمل مع المستثمرين الملائكيين المحترفين في المجال أو يري باله ويستثمر في الصناديق ويدعها تقوم بالعمل.

ويتكرر لدي مقولة “أنا لا أستثمر إلا في البلد اللي أنا فيه ووجود الشركة في الأسواق الحرة يعني أنها خارج بلدي” وهذا صحيح إلى حد ما، لكن يجب على المستثمر استيعاب هذا الموضوع وتعلمه حتى لا يفقد الفرص المميزة وعدم الرغبة بالدخول في الاتفاقيات المتحولة مثل اتفاقية ال SAFE.

2- الاستثمار في مشروع واحد وعدم التنويع

سُمي الاستثمار التقني بالجريء أو برأس مال المخاطر لسبب منطقي، وهو نسبة الفشل العالية في الاستثمار، والمشاريع التقنية في حال فشلها يخسر المستثمر كل ماله بسبب عدم وجود أصول ملموسة وطبيعة المشاريع التقنية أن أصولها غير الملموسة تجعلها قادرة على التوسع بشكل كبير جغرافيًا وبعدد العمليات، وفي المقابل يجعل عوائدها مربحة جدًا.

ولأنه جريء يتوجب على المستثمر تنويع رأس المال المرصود في الاستثمار التقني على 10 مشاريع على الأقل، وكلما زاد العدد أفضل، وهنا لا يتوجب أن يستثمر كل رأس المال مرة واحدة لكن قد يقوم بتجزئته على سنتين أو 3 سنوات حتى يأخذ فرصته في انتظار فرص مميزة قد تأتي لاحقًا والتعلم من الأخطاء مع الوقت (سأتكلم عن هذا الموضوع في مقال آخر بأهمية وجود استراتيجية للاستثمار).

مثال ذلك، إذا كنت قد رصدت مبلغ مليون ريال على أن تستثمرها في رأس المال المخاطر في فترة 3 سنوات قادمة، بذلك إذا طبقنا فكرة التنويع فعلى الأقل تستثمر في 10 مشاريع مما يعني أن حجم التذكرة تساوي 100 ألف ريال لكل مشروع بمعدل 4 شهور لكل فرصة.

أجد للأسف عدد كبير من المستثمرين يضع كل رأس ماله المرصود للاستثمار الجريء في مشروع واحد، وهنا تتكون أزمة أشاهدها بشكل متكرر جدًا يصبح فيها المستثمر عالة على الريادي ويطلب منه كل فترة اجتماع وبدل أن يركز الريادي على المشروع يكون جل وقته يتابع هذا المستثمر ويحاول إرضاءه بدل أن يركز ويحاول إرضاء العميل، وهنا تصبح العلاقة بين الريادي والمستثمر مسمومة، وهذا كفيل بقتل المشروع تمامًا.

من الأمثلة التي أشاهدها باستمرار مطالبة بعض المستثمرين من هذا النوع برفع قضايا على الريادي، مع علمه بأنه قد دخل في استثمار مخاطر ولكن عند عودتي للأسباب الرئيسية أجد أن بسبب توتر المستثمر من خسارة كل المبلغ يتكرر هذا النوع من المشاكل.

وتخطي هذه المعضلة سهلة، وهي كما ذكرنا فقط نوع استثمارك وضعها في 10 مشاريع بعد دراستها بتعمق وانساها وستأتي ثمارها بإذن الله والأفضل من هذا هو عمل استراتيجية للاستثمار الجريء.

3- حجم التذكرة وعدم الدخول في صناديق المساهمة

استكمالًا لما ذكرناه في النقطة السابقة بأن المستثمر يجب عليه التنويع في الاستثمار وألا يضع رأس ماله المرصود للمخاطرة في مشروع واحد، هنا تأتي مسألة حجم التذكرة أو كما يسمى بالــ Ticket size وهي المبلغ الذي سأدخل فيه في كل مشروع خلال فترة زمنية محددة.

مثال ذلك، إذا رغبت بالاستثمار بمبلغ 100 ألف دولار في 10 مشاريع، فهنا يكون حجم التذكرة 10 آلاف دولار، وهنا يأتي التحدي في وجود شركة مميزة تقبل هذا المبلغ الصغير من الأساس. وهنا سار العمل بشكل صحيح في رصد وتنويع الاستثمار، لكن الإشكالية أنه من الصعب جدًا وأقرب للمستحيل وجود شركة مميزة وفرص نجاحها عالية أن تقبل حجم تذكرة بما يقل عن 50 إلى 100 ألف دولار.

لذا تأتي حلول صناديق المساهمة التي تعملها منصات مثل Angelist العالمية أو Zest Equity الموجودة لدينا في المنطقة، وهي صناديق مساهمة أو كما تسمى بالـ Syndicates يقوم بها بعض المستثمرين المحترفين لجمع مجموعة من المستثمرين أصحاب حجم تذكرة صغير، للاستثمار بالشركات المميزة.

وهنا كمستثمر تستفيد كثيرًا بأن لديك الفرصة بالتنويع واختيار المشاريع المميزة والأفضل قربك من المستثمرين المحترفين والدخول معهم بالفرص الخاصة. فالمستثمرين المحترفين عمومًا تأتيهم فرص مميزة وذلك لتفرغهم بالمجال وعلاقتهم القوية برواد الأعمال والحاضنات والصناديق.

والخطأ المتكرر هنا أن المستثمرين الذين لديهم حجم تذكرة صغير يرغبون في الدخول المباشر في الشركات بسبب عدم رغبتهم في أن يكونوا داخل صندوق، وبهذا الشكل إما أن يستثمر مع مشروع مخاطره عالية جدًا (بما أنه قبل هذه الأرقام الصغيرة فغالبًا رُفض مشروعه من الصناديق والمستثمرين المحترفين وبذلك يقبل أي استثمار) أو أنه لن يجد فرصة أبدًا ويبقى معلقًا.

وهنا من تجربتي أنه من المستثمرين تكون لهم نية التدخل بالإدارة وهذا خطأ كونه غير متخصص في المجال أو حجم تذكرته لا يشفع له، وأحيانًا بعض المستثمرين لهم سبب منطقي وهو عدم رغبته بأن يكون تحت تصرف مدير الصندوق، والتخوف سليم وهنا أنصح المستثمر أن يسأل مدير الصندوق عن الحوكمة المتبعة في الصندوق وآلية التخارج ويدرسها، وفي حال رآها مناسبة استمر بها أو من الممكن أن يكون هناك اقتراح داخلي بينهم ويتفقوا عليه. لكن بالمجمل لا تحرم نفسك من فرصة قد يكون استفسار منك لمدير الصندوق يحلها تمامًا.

وهنا تكون لديك فرصة نجاح ممتازة للوصول للمشاريع المتميزة وتحقيق عوائد مرجوة من الاستثمار التقني.

4- الوقوع في إغراءات عمل مشروع تقني أو فنتشر بلدر

لم أكن أتوقع الحديث عن تكرار هذا الخطأ من رجال الأعمال، لأنه من المنطقي أن المستثمر هو مستثمر وغير متفرغ للمجال ومن أراد التفرغ في شيء يجب عليه ترك عمله الحالي، وهنا من المنطقي أن المستثمر لن يترك عمله الحالي للعمل في سوق جديد لا يعرف عنه شيئًا!

لكن للأسف تكرر الموضوع بشكل مخيف مما استدعى أن أذكره كخطأ شائع في هذا المقال، وعندما أقول تكرر بشكل مخيف لا أقصد بأن أغلب المستثمرين يقعون في هذا الخطأ بل النسبة الأقل لكن إذا كانت النسبة 1٪ منهم فهنا وجب الحذر لأنه مكلف جدًا.

الـ Venture Builder أو مصنع الشركات، وهي جاءت من فكرة تأسيس عدة مشاريع تقنية من فريق واحد بتخصصات مختلفة ورأس مال يوزع على كل المشاريع وعندما ينضج أحد هذه المشاريع يكلف بها رئيس تنفيذي، ثم ينفصل عن المصنع تدريجيًا ويأخذ مجراه في الجولات التمويلية وفي حال فشل المشروع تؤخذ إمكانيات الفريق والخبرات وتنقل لمشروع آخر، وعند نجاح المشاريع يتبقى للمصنع نسبة كبيرة مما يحقق لها عوائد ضخمة، وهذه فكرتها باختصار.

الفكرة عند قراءتها تجدها جاذبة وهنا أكبر مشكلة يقع بها الأغلب، وتجد الكثير من رجال الأعمال يتوقف عن الاستثمار ولا يكمل استراتيجيته أو تنويع استثماره وينتقل لعمل الفنتشر بلدر.

إشكالية الفنتشر بلدر أنها من أكثر الشركات حرقًا للسيولة في حال لم تدار على أسس صحيحة. والفنتشر بلدر يجب أن يكون لدى القائمين عليها فهم كامل وتفرغ للمجال التقني وصناعة المشاريع التقنية (وليس التقليدية) واكتشاف ثغرات في السوق ومعرفة تسويق المنتج ومعرفة تسويق الشركة للاستحواذات أو الاستثمارات.

وهنا يكون المستثمر التقليدي الذي دخل المجال من غير أسس سليمة ووقع في الفخ، قد خسر كل رأس ماله وفي أكثر الحالات يقع في ديون متراكمة جدًا ظنًا منه أن المسألة سهلة وغير مكلفة ثم يدخل فيما يعرف بـ “التكلفة الغارقة”.

5- التعامل مع الشركات التقنية بالطريقة التقليدية

من أصعب الأمور التي تواجه المستثمر الملائكي هو كيفية عمل الفحص النافي للجهالة أو ما هو المتوقع مع الشركات التقنية، والأسوأ أنه قد لا يعلم ما هي الطريقة المتبعة في تحليل المشاريع التقنية أو التعامل معها ومع طبيعتها.

وأجد كثيرًا من المستثمرين الجدد في السوق يتوقعون أن على المشروع التوسع تدريجيًا “Organic Growth” وقد يستاء من الريادي إذا تكلم عن التوسع السريع، وذلك لأن المستثمر يبني على نجاحاته السابقة من مشاريع تقليدية ولا يستطيع فهم المشاريع التقنية وحتى لو فهم الفكرة لم يستوعبها، ولذلك دائمًا نقول تعامل مع الاستثمار الجريء على طبيعته ولا تحاول أن تجبره على طريقتك. وكما ذكرنا أن المشاريع التقنية لا تمتلك أصولًا وبذلك هي مشاريع يُتوقع منها النمو الأسي “Exponential Growth”، وأيضا قد يطلب بعض المستثمرين الأرباح (علمًا بأن توزيع الأرباح ليست مهمة في المراحل المبكرة والأهم هو النمو العالي مع وجود وحدة اقتصادية مربحة على الزمن البعيد).

ويجب ألا يستهان في هذا الموضوع لأني رأيت عددًا كبيرًا من الرياديين اتبعوا نصائح مستثمريهم وفقدوا أهم ما في المشاريع التقنية وسبب نجاحها من الأساس، وهنا أصبح المشروع كما يسمى في السوق التقني زومبي – مشروع لا يخسر لأنه يحقق أرباح طفيفة تغطي التكاليف ولكن لا يتوسع بسبب عدم جرأة الرواد والمستثمرين على حد سواء. وبذلك لن يحقق المشروع أي عوائد مرضية ولن يستثمر فيه أحد من الصناديق ويتعلق المشروع على هذا الحال.

وهنا يجب فهم أن الاستثمار الجريء في المراحل المبكرة يصعب جدًا التنبؤ بمستقبل المشروع، فعلى المستثمر ألا تكون أسئلته أو متطلباته لا تتناسب مع هذه المراحل المبكرة في المشروع. ومن الأسئلة التي لا تتناسب مع هذا النوع من الاستثمار طلب المستثمر دراسة مالية لـ5 سنوات مستقبلية وفي حال عدم توفرها لا يقوم بالاستثمار.

الاستثمار الجريء يتطلب الجرأة من الريادي في التوسع وعلى المستثمر أن يتوقع هذا من الريادي، واذكر أنك مستثمر جريء وتتوقع أن يخسر المشروع لكن الرغبة عندما ينجح يكون نجاح ضخم يحقق العوائد المرجوة.

ونقطة ثانية في هذا الموضوع، وهي طلب نسبة عالية من الريادي ظنًا أن المشاريع التقنية تعمل كالمشاريع التقليدية ومتوقع منها الأرباح في التوزيع.

المشاريع التقنية تعتمد على النمو والأرباح تأتي من التخارجات في المستقبل بزيادة تقييم الشركة بمضاعفات تتناسب مع فترة الدخول للمشروع. ولهذا السبب يتوجب على الريادي أن يقوم بجولات متتالية حتى يستطيع النمو بأكبر قدر ممكن حتى الوصول للتخارجات للمستثمرين (وهذا موضوع مختلف سأكتب عنه في مقال آخر) وبذلك يجب على الريادي ألا يفقد أكثر من 20% من إجمالي قيمة الشركة في أسوأ الحالات في كل جولة استثمارية.

لذلك يجب الوعي حول كيفية التعامل مع هذا النوع من الاستثمارات وأن لها طابع مختلف عما عملته سابقًا في المشاريع التقليدية.

6- نسيان الهدف الرئيس من الاستثمار الملائكي

ينسى الكثير من المستثمرين السبب الرئيس من دخوله للاستثمار الملائكي وموقعه وأهميته كمستثمر في هذا السوق، فسبب تسمية المستثمر الملائكي بالملائكي أنه كمستثمر يعمل الفحص النافي للجهالة (سأشرح آلية الفحص في مقال آخر) وإما يستثمر أو يرفض وينسى على أن يتوقع العوائد بعد 5 إلى 10 سنوات، ويتوقع أن النسبة الأعلى من المشاريع ستفشل تمامًا ولكن سيأتي مشروع أو مشروعين بعوائد خيالية لا يمكن الحصول عليها من مشاريع تقليدية.

ولذلك يُنصح ألا يكون الاستثمار المخصص للاستثمار الجريء أن يتعدى ما نسبته 10% من رأس المال العام للاستثمار.

وهنا يقع عدد من المستثمرين في خطأ أن يستثمر أكثر من النسبة المحددة وذلك للإغراءات وهو غير مستعد للخسارة، فتجده يحاول أن يتدخل في عمل الريادي وهو غير متخصص أو متفرغ فيكون هناك تخبط في الدخول للسوق وبالذات عند الخسارة.

7- المماطلة مع الريادي:

لا يعلم المستثمر الجديد في السوق ما يدور داخل مجتمعات الاستثمار الجريء وكيف أن المماطلة مع أحد الرياديين أو التعامل بشكل غير مناسب مع الريادي ستسبب بلا شك بعدم مشاركته بالفرص المميزة من المستثمرين المحترفين وأفضل الرياديين في المنطقة.

قد لا يعلم المستثمر مدى أثر السمعة السيئة بسبب ما قام به مع أحد الرياديين، بل في كثير من الأحيان بعض الصناديق السيئة فقدت سمعتها في السوق ولم يكن لدينا الفرصة في الدخول في الفرص المميزة وفقدت مصداقيتها.

وتوجد قوائم سوداء يتداولها الرياديين والمستثمرين المحترفين في السوق حتى للتحذير من التعامل معها، ولا يعني هنا أنك كمستثمر يجب عليك الاستثمار والرضوخ للريادي ولكن التعامل الطيب والمعاملة الحسنة التي يجب أن يتحلى بها الشخص بغض النظر إن كان مستثمرًا أو رياديًا أو غيرهم، ومن الأخطاء المتكررة هي ألا يفصح المستثمر عن عدم رغبته بالاستثمار ويقوم بمماطلة الريادي بعد أن قام بإعطاء وعود بالاستثمار.

والحل بسيط، وهو في حال عدم رغبتك بالاستثمار أن تبدي للريادي عدم رغبتك بلا تأخير، وذلك لأن التأخير قد يضر كثيرًا بالريادي مما يجعله في موقف سيء جدًا وقد تكون تسببت في إيذاء المشروع بالكامل.

أي تأخير من الريادي يكلفه الكثير من التكاليف والوصول للعميل واختراق السوق ويؤجل نجاحه لشهور وقد تصل إلى سنين فقط بسبب تأخير حوالة من مستثمر (للأسف بعض الحالات وجدت أن المستثمر تأخر قرابة السنة ثم انسحب من الاستثمار وبذلك كلف الكثير على الشركة ومستثمريها وتورط الريادي في النمو مما صعب عليه الحصول على جولة وانتهى المشروع بكل أسف من تصرف سيء من أحد المستثمرين).

8- الاستثمار منفردًا من غير التعاون مع الخبراء:

سوق الاستثمار الجريء مثله مثل باقي الاستثمارات، إذا كنت مع مجموعة محترفة أو شخص متخصص في المجال فغالبًا ستحقق عوائد أفضل لأنك جزء من منظومة لها خبرة عالية في المجال. دخولك مباشرة للاستثمار من غير أصحاب الخبرة يعرضك بلا شك الوقوع في الأخطاء التي قد تجاوزوها الخبراء في المجال، وغالبًا ما تكون الفرص المميزة يحتفظ بها المحترفين في السوق وذلك للتعاون والتحالفات فيما بينهم.

في الاستثمار الجريء تسمى المجموعات بمجتمعات المستثمرين الملائكيين ويوجد لها اشتراكات سنوية على أغلب الأحوال، أو الأفراد وتسميتهم مستثمرين ملائكيين محترفين Super Angel Investors ووجودك مع أحدهم يقلل عليك نسب الفشل كثيرًا، وطبعًا يجب عليك أن تفحص المجموعة أو الشخص الذي ستستثمر معه.

 

الملخص

أرجو ألا يفهم المستثمر أنني أضع الريادي في منطقة راحة لكن النقاط المذكورة تضعك كمستثمر في موقف يجعلك تقترب للغاية من النجاح.

لكن تخيل معي أنك دخلت هذا العالم ورفضت الشركات المسجلة في الأسواق الحرة ولم ترغب في التعامل مع العقود المتحولة ووضعت أموالًا كبيرة في مشروع واحد ولم تنوع الاستثمار، وتعاملت مع المشاريع التقنية بغير طبيعتها ومن غير مجموعة أو محترفين في المجال يساعدوك، عليك أن تتساءل هل فعلًا ستحقق النجاح المرجو من الاستثمار الجريء؟

هناك حلول أفضل بكثير إذا لم تكن مستعدًا للدخول في كل هذه المعادلات، وهي ألا تستثمر في المشاريع التقنية مباشرة لأن المخاطرة أصبحت عالية جدًا وأشبه بالمقامرة. ولكن إذا كنت ترغب بالحصول على الأرباح المرجوة بتنويع استثماراتك فالحل إما الاستثمار مع الصناديق (وهنا يكون عليك فقط أن تعمل عملية فحص واحدة مع إدارة الصندوق وخبراتهم وسمعتهم وما حققوه سابقًا)، أو أن تستعين بالخبراء في المجال وبالذات من المستثمرين المحترفين والاستثمار معهم بالمشاركة، أو بصناديق المساهمة وهم يساعدونك في تنويع الاستثمار ويعملوا على الوصول للمشاريع المميزة التي هم يستثمروا فيها (وهنا أيضًا يجب عليك العمل على الفحص والتأكد من قدراتهم وخبراتهم في المجال).

علمًا أنه من المهم وجود استراتيجية استثمارية أو كما تسمى أطروحة استثمارية لك كمستثمر ملائكي حتى تعلم ما هو الطريق الذي تمشي فيه وما تتوقعه وتحدثه مع الزمن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى