ما هو انطباعك عن لون الآيفون الجديد iPhone 12 Pro الأزرق المحيطي أو Pacific Blue؟ هل تعلم أن اختيار اللون لم يكن بمحض الصدفة!
سنوياً، منذ عام 2000 يعلن معهد بانتيو للون The Pantone Color Institute الذي يقود قرارات التسويق لكبرى الشركات حول العالم عن لون السنة وفي كل سنه ينتشر اللون الذي يختاره المعهد انتشار كبيراً ليضفي صبغه عامة على منتجات السنة، هذا العام جاء الأزرق الكلاسيكي لون 2020 بشكل واضح في مجموعة منتجات خلال السنة من أشهرها الآيفون الجديد. معهد بانتيو للون يقدم المشورة للشركات في مجال تطبيقات الألوان وهويات الشركات والمنظمات وتطوير المنتجات من خلال التنبؤ بالاتجاهات الموسمية وتطوير الألوان المخصصة من مستفيدين من علم النفس والعاطفة في استراتيجية التصميم التي يقدمونها.
ولاستمتاعي بما يقدمه المعهد من خبرات في مجال اختصاصه اللوني والتسويقي، سأطرح في هذا المقال ما أعتقد بأنه لون الموسم في مجال الاستثمار وريادة الأعمال. معتمداً على أفضل الممارسات العالمية وما يتوافق مع احتياجات الأسواق المحلية.
لدي أعتقد بأن لون الموسم في مجال ريادة الأعمال للسنتين القادمتين سيكون ” استوديوهات الشركات الناشئة أو Startup Studios “. في مقال لـ Leena Rao على موقع TechCrunch ناقشت الكاتبة توجه الكثير من رواد الاعمال المتسلسلين إلى تأسيس ما يسمى بأستوديوهات الشركات الناشئة أو Startup Studios لما توفره تجربة الاستوديو من تتشابه مع تجربة تأسيس الشركة الناشئة ممزوجة بنكهة الاستثمار الجريء. ولكن ما هي هذه الاستوديوهات؟
استوديوهات الشركات الناشئة أو Startup Studios هي عبارة عن شركات تهدف إلى بناء الشركات الناشئة بطريقة أكثر كفاءة واحترافية. تبدأ باختيار حل لمشكلة أو تقديم منتج مميز ليكون اللبنة الأولى للشركة ويعمل الاستوديو على توفير جميع الخبرات والموارد الازمة لنجاح المشروع بما في ذلك توفير الفريق المؤسس. استوديوهات الشركات الناشئة لها نماذج وطرق مختلفة لألية عملها، إلا أنها في رأيي الشخصي في الغالب يجب أن تتشارك في الخصائص الثلاثة التالية:
أولاً: توفير البنية التحتية والموارد الأساسية:
يجب أن يوفر الاستوديو الأشخاص ذوي الخبرة (Talent) في جميع ما تحتاجه الشركات الناشئة في شهورها الأولى وعمليات مدروسة (Process) للخطوات الضرورية لبناء الشركات وشبكة علاقات (Network) تزيد من فرص النجاح.
ثانياً: التفكير الإبداعي:
يجب أن يكون الاستوديو هو مصدر الأفكار للفرص المميزة التي يطلقها على عكس حاضنات ومسرعات الأعمال التي تقدم بعض الخدمات التي تتقاطع في طبيعتها مع خدمات الاستوديوهات لكنها بطبيعتها تحتضن أو تسرع مشاريع لأفكار نشأت خارجها.
ثالثاً: الاستقلالية:
يجب أن يوفر الاستوديو الاستقلالية التامة للشركة بعد 18 إلى 24 شهراً، لينقطع أي اعتماد للشركة الناشئة على الاستوديو وتصبح مستقلة ولا يلعب الاستوديو أي دور تشغيلي بعد ذلك. مما ينتج عنه شركة ناشئة جاهزة للحصول على استثمار والانطلاق بالإضافة إلى تفريغ فريق عمل الاستوديو لأطلاق الشركات التالية.
المزايا الرئيسية لـ Startup Studios:
يخلق بناء الشركات من خلال استوديو العديد من المزايا من أهمها:
-
مشاريع نوعية:
لأن عملية إطلاق المشروع تأخذ منحنى عقلاني جداً ويتبع أسس علمية ودراسات سوقية ويقوم عليها نخبة من الخبراء في مجالاتهم، غالباً ما يوفر ذلك فرص نجاح أفضل للمشروع من خلال الاختيار المدروس للشركة المستهدف بنائها.
-
سرعة التنفيذ والوصول للسوق:
لكون فريق الاستوديو يتبع آلية محددة لأطلاق الشركات يكون لديهم إمكانية الوصول للسوق بشكل أسرع من الشركات الناشئة بالطريقة التقليدية.
-
الخبرة:
يتكون فريق الاستوديو من خبراء في مجالاتهم (التصميم، والتسويق، والبرمجة، وما إلى ذلك) يعملون معًا. أصبح توظيف الشخصيات البارزة أسهل من خلال السمعة الجيدة للأستوديو ومساعدة الفريق. تُعد شبكة الاستوديو ككل ميزة حقيقية لمساعدة الشركة الناشئة على النمو.
-
معالجة تحديات محلية:
تعاني دول الخليج والسعودية من محدودية الكفاءات التقنية مقارنة بحجم الاقتصاد بالإضافة إلى ارتفاع تكلفتها مما يشكل تحدي مستمر للعثور على الشريك التقني المناسب. الاستوديوهات قد تكون جزءاً من الحل من خلال توفير الكفاءات التقنية عالية الخبرة في الشهور المبكرة من عمر الشركة وتجهيزها للانطلاق تقنياً لحين الحصول على استثمار يمكن الشركات من توظيف الكفاءات المرغوبة.
بدأ أول استوديو للشركات الناشئة عام 1996 عندما أسس بيل جروس استوديو Idealab ولكن النموذج أخذ سنوات طويلة قبل أن يبدأ بالانتشار. واليوم عدد استوديوهات الشركات الناشئة بازدياد مضطرد حول العالم ليتجاوز عددها 200 استوديو حالياً. الرقم يرتفع بشكل متسارع. من أقل من 1٪ في عام 2007 إلى 8٪ من عدد المسرعات والحاضنات.
سأتطرق إلى نموذج من أنجح نماذج استوديوهات الشركات الناشئة مع تحفظي على ممارساتهم المهنية.
- Rocket Internet
شركة إنترنت أوروبية مقرها برلين تأسست عام 2007. تقوم ببناء شركات ناشئة غالباً ما تكون نسخ من نماذج عالمية لشركات ناشئة ناجحة. في عام 2008، قامت شركة Rocket بتأسيس Zalando المستوحاة من قصة نجاح موقع Zappos.com للبيع بالتجزئة الأمريكي. في عام 2016 أصبح لدى الشركة أكثر من 28,000 موظف عبر شبكتها العالمية من الشركات، والتي تتكون من أكثر من 100 جهة نشطة في 110 دولة.
ولا تكتمل الصورة بدون ذكر مجموعة من قصص النجاح لشركات تخرجت من استوديوهات الشركات الناشئة لتنظم لنخبة الشركات الناشئة أما عن طريق الطرح في السوق أو الاندماج او الاستحواذ.
-
-
- تويتر: 41 مليار دولار
- سلاك: 15 مليار دولار
- سنوفليك: 73 مليار دولار
- تريلو: 425 مليون دولار
-
استوديوهات الشركات الناشئة في السعودية والعالم العربي تواجه تحديات تشريعية تتمثل في أن المتطلبات النظامية من قبل الجهات التشريعية وكبار المستثمرين تتطابق مع المتطلبات المطلوبة لتأسيس شركات تمارس نشاط إدارة الاستثمارات “مؤسسات السوق” وهذا ينعكس على جانبين الأول: ارتفاع تكلفة تأسيس هذه الاستوديوهات، والجانب الثاني: تعقيد المتطلبات النظامية على الاستوديوهات، وهذا يؤدي إلى بطء انتشار النموذج وتأخر الابتكار.
الحديث في الموضوع يطول ويتشعب ولكن المقال فرصة مميزة لدعوة الجهات التنظيمية والجهات الداعمة وكبار المستثمرين المؤسساتيين لتطوير نموذج أسهل وأسرع للمهتمين بتأسيس استوديوهات للشركات الناشئة.
أنا متفائل جداً بانطلاق مجموعة من الاستوديوهات المميزة في الفترة القادمة وأعرف عدداً كبيراً من المهتمين بالموضوع بعضهم من الأصدقاء والبعض استشارني في طريقة الانطلاق وصياغة استراتيجية الاستوديو. كلي أمل أن يتم تسهيل الإجراءات لتوفير بيئة محفزة على الابتكار.