عام 2018 ظهر شاب مصري بفكرة مختلفة في الإمارات تسمح للناس استئجار السيارات مقابل اشتراك سنوي أو شهري دون دفع أي تكاليف إضافية، مع إمكانية تغيير السيارات في أي وقت والانتقاء بين عشرات العلامات التجارية، في محاولة لتغيير طريقة امتلاك السيارات في المنطقة. وقد لاقت الفكرة قبولًا من الجمهور في الإمارات، قبل أن تتوسع لتصل المملكة العربية السعودية.
كان الشاب خلف تلك الفكرة، إسلام حسين، وقد أسس الشركة تحت اسم انفيجو “Invygo”، رفقة شريكه بولكيت غانجو، لتتيح للعملاء استئجار السيارات عبر التطبيق واستبدالها بكل سلاسة.
استطاعت انفيجو التوسع في الإمارات والسعودية، وحصلت مؤخرًا على استثمار بقيمة 1.9 مليون دولار أمريكي (7 ملايين ريال)، لذا قررنا في جولة تسليط الضوء أكثر على هذه الشركة من خلال إجراء مقابلة خاصة وحصرية للحديث عن بداية الشركة، تأسيسها، خططها، ومستقبلها.
ونأخذكم في السطور القادمة مع إسلام حسين، مؤسس انفيجو ومديرها التنفيذي، الذي شاركنا خلالها بأفكاره بالإجابة على أسئلتنا بصدر رحب.
حدثنا عن الفكرة خلف انفيجو، سبب إنشاء الشركة، ومن أين جاء الاسم؟
طرأت فكرة تأسيس انفيجو أثناء دراسة الماجستير في كلية IE Business School في إسبانيا عام 2017، فأثناء إحدى المحاضرات عن العمل الحر وريادة الأعمال طُلب منا التفكير في مشاريع بإمكانها إحداث تغيير، بعد المحاضرة خطرت فكرة إنشاء الشركة وقمت بإرسال بريد إلكتروني إلى الدكتورة، التي كان ردها عبارة عن جملة واحدة “أحببت ذلك”، بعدها قررت العودة للإمارات وتقديم استقالتي من عملي واستخدام مدخراتي البسيطة كوني مازالت بسن 31 وقتها، والاستفادة منها في تأسيس الشركة، وتعرفت على بولكيت غانجو المؤسس الشريك الذي ساعدني بذلك.
يعود سبب الفكرة لصعوبة تملك السيارات في المنطقة وضعف الوصول للمواصلات العامة، لذا فإن فكرة تساعد بحصول العملاء على سيارات مقابل اشتراك دون عناء لدفع التأمين والخدمات الأخرى بما يشمل الصيانة، يمكنها تغيير سوق السيارات.
تُعد منطقتنا من أقل المناطق نسبة في الوصول إلى وسائل النقل العامة، فمثلًا 31% فقط من سكان الشرق الأوسط وتركيا وباكستان تصلهم المواصلات العامة، في حين أن المتوسط العالمي 50% في البلدان الأخرى، وهو أمر يحتاج لإيجاد حلول لتمكين الناس من التنقل بسهولة كون وسائل النقل عنصرًا مهمًا في الحياة اليومية.
كذلك، بسبب صعوبة شراء أغلب المواطنين أو المقيمين في البلدان العربية للسيارات، سواء كانت بسبب صعوبة استخراج الأوراق أو لأمور مالية، فإن فكرة انفيجو كانت ستغير الكثير. فعند النظر للنسبة العالمية، يمتلك 150 شخص فقط من كل 1000 شخص سيارة في المنطقة بالمتوسط، في حين نرى أن هذه النسبة تصل إلى أكثر من 350 لكل 1000 في البرازيل، وتزيد عن 580 في أوروبا، وتفوق 800 في الولايات المتحدة. وأعتقد أن وجود انفيجو يحل هذه المشكلة، فكل شخص بإمكانه الحصول على سياراته الخاصة واستبدالها بأي وقت دون عناء وبمقابل شهري.
أما عن سبب التسمية، فقد جاء اسم الشركة من مقطع Invy وهو اختصار لكمة Invigorate وكلمة Go، لتصبح Invygo.
بعد أكثر من عامين على كونكم أول شركة اشتراك شهري للسيارات في المنطقة، هل تمكنتم من تحقيق القبول المطلوب من الجمهور، وهل وصلتم للنمو المنتظر؟
حاولنا في بداية الأمر وضع خطة لتوفير حلول تساعد الجمهور، وقمنا بعدها بمحاولة لإقناعهم من خلال عرض الفكرة عليهم وبرهنتنا لحلها الكثير من الأمور، وتخطي الصعوبات المعتادة للحصول على سيارة خاصة وتقليل الوقت الذي تحتاجه إجراءات استخراج الأوراق المطلوبة للحصول على سيارة.
بالرغم من تشابه أسواق المنطقة بشكل عام، إلا أن كل سوق يتسم ببعض الخصوصية، فمثلًا يتواجد عدد كبير من المغتربين في الإمارات ولذلك يُعد وجود فكرة مثل انفيجو تتيح للعملاء فيها خاصة المغتربين الحصول على سياراتهم وفقًا لحاجتهم وتغيرها في أي وقت أمرًا جذابًا، خاصة إذا قلنا أن سعر الاشتراك الشهري يكون مغريًا بالتزامن مع منح العملاء خدمات مميزة، ففي حال حدوث أي عطل على سبيل المثال، يستطيع العملاء عبر التطبيق من طلب استبدال السيارة، وسيصل الوكيل مع السيارة البديلة في المكان المطلوب لاستبدال القديمة أو إجراء أي إصلاحات عليها. وهذا بالطبع ساعد في وجود قبول من الجمهور في الإمارات.
ذات مرة أثناء انتباهنا عميل يقوم بطلب تغيير لسيارته كل شهر تقريبًا، ولذا قررنا الاتصال به وسؤاله عن السبب، فأخبرنا أنه بسبب عائلي حيث يعمل هو وزوجته ويفضل تغيير السيارة باستمرار، ووجود انفيجو يساعده في ذلك دون أي تكاليف على الخدمات أو خسائر على العكس في حال قام بشراء سيارة خاصة، وقتها لن يستطيع استبدالها بسهولة.
ولعل أهم العوامل التي ساعدت في قبول الفكرة هو أن السيارة أو المركبة الشيء الوحيد في الممتلكات الثمينة التي تخسر سعرها مع الوقت، فالمنزل عند شرائه يترفع سعره، وهذا الأمر مشابه مع الأرض، وحتى مع ساعات الرولكس مثلًا، لكن الأمر مختلف مع السيارة التي تخسر جزء كبير من قيمتها مع الوقت، كما أن نحو 50% من ثمن السيارة يذهب للخدمات والصيانة وغيرها، وهو ما تعفي انفيجو عملائها منه، فهم لن يحتاجوا دفع أي مصاريف أخرى باستثناء الاشتراك الشهري، وبإمكانهما تغيير سياراتهم في أي وقت.
أما عن النمو، فقد كان للوباء تأثير كبير علينا كما هو الحال مع معظم نواحي الحياة، لكننا استطعنا التكيف مع الأمر وحصلنا على قوبل كبير في فترة عودة الحياة ما بعد الوباء، ونحظى الآن بنمو متواصل كل شهر والمستثمرين سعيدين بالأرقام التي نحققها.
أي الأمور ترون أنها ستساعدكم في التطور أكثر؟ هل هناك هامش للتحسن في أسواق محددة مقارنة بأخرى؟
الحقيقة أننا نعمل على التطور باستمرار ونقوم بتوفير الخدمات التي نرى أن الجمهور يحتاجها، فمثلًا في دبي عندما انطلقنا كان نظام الاشتراك لدينا سنوي، لكننا قمنا بتغيير ذلك ليصبح شهري بعدما رؤيتنا حاجة العملاء لذلك.
كما أننا نعمل على منح العملاء سيارات باشتراكات أقل ما يمكن، وبدون تكاليف شراء عالية أو دفعات أولية أو التزام طويل المدى، وهذه الأمور تساعدنا في التطور والتحسن مع الوقت، وبالطبع نهدف لإضافة المزيد من الخدمات وفقًا لحاجة السوق لها.
ففي المملكة العربية السعودية والرياض تحديدًا، التي تُعد من أهم المدن والعواصم الاقتصادية في المنطقة والعالم وتتميز بامتلاكها سعة ضخمة، عملنا بالتعاون مع شركائنا على توفير الفرصة للعملاء للحصول على سيارات بدون تكاليف باهظة وبدون التزامات طويلة، كما قمنا بالتعاون مع كريم، وهذه الشراكة ستتيح الحصول على أكثر من 100 مركبة من خمسة طُرز بتكلفة معقولة وكيلومترات غير محددة ما يساعد نسبة أكبر من الناس بالحصول على سياراتهم، وكذلك قمنا ونقوم بعمل شراكات مع جهات أخرى لتسهيل حصول نسبة أكبر على سياراتهم دون دفع تكاليف كبيرة.
إذا كنت ترغب بتوجيه نصيحة لنفسك أو ترغب بتغيير قرار ما اتخذته منذ انطلاق الشركة، ما هو؟
النصيحة التي أحب توجيهها ليست لي فحسب، بل لكل شاب. فقد بدأت انفيجو وعمري 31 سنة في حين أن شريكي بعمر 28 سنة، وعندما تعرفت عليه ورأيت الحماس الدائم لإحداث تغيير كنت أقول “يا ريت بدأت وأنا أصغر”. والنصيحة هي أن كل شاب لديه فكرة يتكل على الله ويبدأ، ففي حال نجاحها كما يريد فقد تمكن من الحصول على مبتغاه، وفي حال لم يصل لذلك فقط تعلم الكثير من تجربته، ففي التجربة نجاح وتعلم على جميع المستويات، لكن الأهم هو المحاولة والتجربة.
وربما ما يميز منطقتنا العربية عن غيرها، هي أنها في مرحلة تطور وبالتالي هناك الكثير من الفرص مقارنة مع أي منطقة أخرى، فأي فكرة يمكنها إحداث تغير ما يمكنها النجاح لكن يتوجب على صاحبها خوض غمار التجربة والعمل عليها.
قمتم بإغلاق جولة استثمارية جديدة، هل هناك خطط للتوسع معها؟ وكيف ستساعدكم الجولة في تنفيذ خططكم؟
نعمل حاليًا في السوق السعودي، وهو سوق ضخم جدًا، ومن يتمكن من النجاح في هذا السوق يتعلم الكثير من الأشياء لوضع وتنفيذ أي استراتيجية أو خطط توسع في المستقبل. يكمن هدفنا الآن حول النجاح في السوق السعودي وفي العاصمة الرياض التي تمتلك أحد أكبر أسواق المنطقة وتُعد من أهم المناطق الاقتصادية في المنطقة، ويرمي هذا الهدف إلى تمكين العملاء من الحصول على السيارات التي يرغبون بها بسلاسة وبدون أي مشاكل.
نسعى كذلك إلى مساعدة سوق العمل الحر والتنوع الاقتصادي من خلال تمكين العمال من الوصول لعملهم بسهولة من خلال حصولهم على سياراتهم دون دفع تكاليف كبيرة ومن خلال شراكات مثل شراكتنا مع كريم. كما نهدف لتميكن النساء بشكل أكبر عبر منصتنا، حيث نعتز بوجود 46% من عملائنا من النساء.
بعد تحقيقنا لأرقام معينة في الرياض والتوسع في السوق السعودي أكثر، نخطط للتوسع إلى بلدان أخرى في المنطقة خلال الفترة المقبلة، لكن تركيزنا ينصب الآن على السوق السعودي وتطوير الفريق خلال الربعين القادمين على أقل تقدير.
كيف وأين ترى انفيجو بعد 5 سنوات خاصة في حال ظهور منافسين جدد؟
وجود المنافسون يساعدنا دائمًا على التحسن وتقديم الأفضل في جميع النواحي، وهذا الأمر يساعدنا في التطور وتطوير السوق ككل. لكن أهم ما نرغب به خلال الفترة المقبلة، هو جعل عملائنا، شركائنا، موظفينا، ومستثمرينا سعيدين بالتواجد معنا والاستمتاع برحلتنا.
ونهدف بطبيعة الحال إلى مساعد أكبر عدد من الناس بالحصول على سياراتهم وتسهيل العملية له، بجانب تطوير المجتمع ككل وتحفيز الموظفين على إطلاق العنان لأفكارهم لتطوير المجتمع، ما ينعكس على المنطقة ككل. وهذا التأثير هو ما أرغب لفريق انفيجو بإحداثه على المنطقة وليس في الشركة فحسب.
