تصنف الشركات المتلقية للاستثمار الجريء على أنها شركات صغيرة أو متوسطة أو شركات نوعية تستهدف الدخول في أنشطة جديدة، ولا شك أن الاستثمار في مثل هذه الشركات أمر إيجابي يعزز من قوة ومتانة الاقتصاد، وهذا ما تعمل على تعزيزه وزارة الاستثمار، ووزارة التجارة، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والشركة السعودية للاستثمار الجريء خصوصًا، إذ تهدف إلى تنمية الاستثمار في الشركات الناشئة سعيا منها في تعزيز إسهامات القطاع الخاص في الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية، وذلك لتحقيق أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتدل المؤشرات أن الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة والنوعية سيزدهر خلال السنوات المقبلة، ولذلك رأينا أهمية تسليط الضوء على مرجعية الشركات المستثمر فيها بشكل جريء في النظام السعودي.
ترجع جميع الشركات في المملكة العربيية السعودية إلى نظام الشركات، ويمكن القول: إن هذا النظام هو دستور الشركات والمرجع الأساس لها أيًا كان نوعها، ويدخل في سلكها الشركات المستثمر فيها بشكل جريء، ويعكس نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ وقرار مجلس الوزراء رقم (678) بتاريخ 29/11/1443هـ جميع صور الاستثمار الحديثة ليوفر بيئة حاضنة للاستثمار بالمملكة، بما في ذلك الشركات الجريئة، حيث وفر نظام الشركات السعودي جميع أحكام الشركات في وثيقة تشريعية موحدة، كما ميز النظام الشركات الصغيرة والمتوسطة وقلّل من المتلطلبات الإجرائية والنظامية لها بهدف إعانتها وتعزيز الاستثمار في رأس المال الجريء، فعلى سبيل المثال: أعفى النظام الشركات متناهية الصغر والشركات الصغيرة من متطلب تعيين مراجع الحسابات في حالات محددة، ليساهم ذلك في تعزيز نمو تلك الشركات، فيجعلها بيئة مستقطبة للمال خصبة للاستثمار الجريء.
ومن جهة أخرى فإن على الشركات المستثمر فيها بشكل جريء الالتزام بنظام الشركات والتقيد بتشريعات هيئة السوق المالية في الحالات التي يكون الاستثمار فيها على شكل صناديق استثمارية. وبالتوازي مع أحكام نظام الشركات فالنظام الحالي واكب تطلعات السوق وأخذ في عين الاعتبار شتى أنواع الاستثمار وطرقه، فعلى سبيل المثال: نجد توزيع الأسهم وإصدار أسهم جديدة وأولوية الاكتتاب في شركة المساهمة المقفلة قريبة في الشكل والمضمون من تشريعات هيئة السوق المالية، مما يسهل طرح تلك الشركات في المستقبل، فالشركة المستثمر فيها بشكل جريء قد تحقق أرباحًا كبيرة وتغير شكلها التنظيمي، أو قد ترغب بالاستفادة من القروض من خلال الصناديق العامة ونحوها، وهذا كله يكون بالتوازي مع نظام الشركات، ولذلك فإن صياغة النظام الأساس للشركة المستثمر فيها بشكل جريء يجب أن يعكس كافة مستهدفات الشركة مع الحفاظ على حقوق مساهميها، خصوصًا فيما يخص قرارات التمويل والاقتراض، فلا يتصور أن يكون ذلك القرار فرديًا، وذلك لأن الشركة في فحواها تعتمد اعتمادًا كليًا على مبلغ الاستثمار ولأن أي قرارات تخص ملاءة الشركة المالية ستكون مؤثرة،
وقد بيّن النظام في المادة 72 ما يخص تقديم القروض وقيدها بمعايير تتلاءم مع شكل الشركات المستثمر فيها بشكل جريء، وفي مواد أخرى نظم تخفيض رأس المال وزيادته، كما ترك النظام في الوقت ذاته مساحة للشركاء لإصدار قراراتهم وفق متطلبات الشركة بمرونة، ووفق إجراءات تقنية وموثقة، وهذا فيه مواءمة عالية مع طبيعة الشركات المستثمر فيها بشكل جريء، ومن جهة أخرى، نجد على سبيل المثال في المادة 19 من نظام الشركات التي نصت على عدم مطالبة الشركة متناهية الصغر والشركة الصغيرة بمتطلب تعيين مراجع حسابات، نجدها نصت في أول فقرة أنه يجب تضمين عقد تأسيسها أو نظامها الأساس ذلك البند بعد استيفاء الشروط التي وضعها المنظم في هذا الصدد، وهنا يتبين لنا أن الشركة ذات رأس المال الجريء سيكون مرجعها نظامها الأساس وعقد تأسيسها، وهو مشتق من نظام الشركات بصورة حديثة تواكب الاستثمار برأس المال الجريء، ولذلك فإن على هذه الشركات تحليل النظام وفقًا لمتطلباتهم لكي ينعكس ذلك في نظامها الأساس أو عقد تأسيسها بما يتواكب مع مستهدفات الشركة.
وفيما يخص الشركات القائمة يمكن أن تقوم بتعديلات على عقد التأسيس الحالي من خلال قرارت الشركاء لمواءمة وضعها الذي يتسم بالمرونة مع نظام الشركات الجديد بعد أن وفر النظام الأدوات لذلك وترك مسألة التطبيق للشركات.
—
شارك في الإعداد: عبد الرحمن الشريم.