شاركتنا خلود المحمدي هذا المقال الجميل عن منصة نعناع. تعرفنا فيها على قصة نعناع من بداية التأسيس وحتى اغلاق اخر جولة استثمارية. تتولى خلود حالي منصب مدير علاقات المجتمع الريادي في صندوق Impact46.
تطور سوق المواد الغذائية عبر الإنترنت بسرعة حول العالم، حيث تُقدر Credit Suisse أن حجم السوق سينمو ليصل 285 مليار دولار بحلول عام 2020. وقد شهدت الولايات المتحدة وأوروبا العديد من الشركات الناشئة الناجحة في مجال المواد الغذائية الإلكترونية، والتي استفادت كثيراً من البنية التحتية واستراتيجيات التسليم التي ظهرت مع نجاح التجارة الإلكترونية. وتبرز Ocado كمثال جلي في المملكة المتحدة وبقيمة تصل 5 مليار دولار و InstaCart في الولايات المتحدة بقيمة تصل 7.6 مليار دولار. لتصبح المواد الغذائية عبر الإنترنت اليوم في مكان التجارة الإلكترونية قبل 5-10 سنوات.
ويقدر سوق البقالة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وحدها بنحو 83 مليار دولار. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، فهي سوق استهلاكية كبيرة في قطاع البيع بالتجزئة باعتبارها واحدة من أكبر قطاعات الاقتصاد، وتأتي البقالة في المرتبة الثانية من حيث معدل الإنفال للأسرة السعودية. في حين أن التقديرات نادراً ما تتوافر، فإن مجموعة سامبا المالية تُقدر الاستهلاك الخاص في حد ذاته بنسبة 41.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية.
رحلة نعناع
بدأت نعناع كمتجر للبقالة عبر الإنترنت مستهدفة فئة الشباب، وبسرعة كبيرة استطاعت التطور لتصبح أكبر سوق إلكتروني لبيع منتجات البقالة في المنطقة. تخدم نعناع 14 مدينة مختلفة في المملكة العربية السعودية، وتعمل بنظام تمكين متاجر الهايبر ماركت في تلك المناطق على عرض وتصنيف منتجاتهم وبيعها على تطبيق نعناع لملايين المستخدمين.
وتتمثل آلية الخدمة عبر ربط المستهلكين مع شبكة من المتسوقين داخل المتاجر لتجهيز سلة الطلبات ومن ثم تسليمها لعامل التوصيل ضمن شبكة من السائقين والمناديف الأفراد لخدمةالتوصيل، وخلال تلك العملية يستطيع المستهلك النهائي متابعة تقدمها من وقت الطلب وحتى لحظة التوصيل الأخيرة.
استطاعت نعناع خلال العام الماضي مضاعفة مبيعاتها ثلاث مرات والشراكة مع كارفور، بنده، سبار، فارم سوبرستور، مانويل، وغيرها من المتاجر، لتقدم بذلك أكبر مجموعة ممكنة من المنتجات المعبأة في كافة أنحاء المملكة العربية السعودية.
الجدير بالذكر، أن نعناع لم تكن دوماً المنصة التي هي عليها الآن. ما وصل إليه نموذج العمل اليوم هو نتاج تجارب الفريق، بدايةً بسؤال بسيط في 2015 “كيف ممكن نشارك قائمة مشترياتنا مع أفراد العائلة بطريقه سهلة؟” ولتوسع سوق المواد الغذائية وكثرة منتجاتها، توفير حل لمشاركة المشتريات كان يتطلب حصر المنتجات وادراجها في التطبيق “Listing”، والذي بدوره قاد الفريق أخيرًا إلي معالجة مشكلة الشراء والتوصيل لإكمال دائرة الخدمة للعميل من خلال نفس المنصة.
ولعل أهم التغييرات التي مرت فيها نعناع، التحول الأخير في 2019 من التجارة الإلكترونية (Online Supermarket) إلى نموذج المنصة الإلكترونية (Marketplace)
في عامي 2017 و 2018 وبينما كانت نعناع لا تزال تحت نموذج التجارة الإلكترونية (online supermarket)، حقق الفريق الكثير، حيث أثبت حاجة السوق المحلي لمنافس online في قطاع الأغذية، وطور بنية تقنية غير مماثلة، وبنى اسم نعناع لدى المستهلك. لكن على المدى الطويل، فالتوسع تحت نموذج التجارة الإلكترونية يعتبر مكلف ويقلل من سرعة نمو الشركة التقنية. فالنمو في هذا النموذج يعني ضخ الأموال في مخازن (Dark Stores)، تصاريح، وموظفين عمليات. على المدى البعيد، يصعب لشركة تقنية بحجم نعناع منافسة سلاسل إمداد ضخمة مع الحفاظ على أسعار منتجات مماثلة لما تقدمة الأسواق المركزية التقليدية.
لذا قرر الفريق الإداري في نعناع في منتصف 2019 التحول الكامل لمنصة إلكترونية (Marketplace) لتسويق وتوفير منتجات مراكز الأغذية في المملكة إلكترونيًا. غير هذا التحول في النموذج موقع نعناع على خارطة الأسواق التقليدية، فبدلًا من كونها منافسًا مباشرًا، أصبحت نعناع شريك نجاح لهم وقائداً لرفع مبيعات المراكز مما أسهم في تسريع عملية نمو نعناع خلال السنه الماضية ليصبح نعناع أول تطبيق في السعودية يدرج كبرى سلاسل الأسواق المركزية الغذائية على منصته.
تأثير كورونا:
في ظل الظروف الاقتصادية مع انتشار فايروس كورونا، تعلب منصة نعناع دورًا كبيرًا في مساعدة الأفراد للإلتزام بالإجراءات الاحترازية وتجنب التجمعات. ومع تضاعف الطلب على الخدمة في الشهر الماضي، عمل الفريق في نعناع على رفع الطاقة الاستيعابية لثلاث أضعاف ما كانت عليه الشهر السابق لمواجهة الطلب المتزايد. باستخدام برامج تحفيزية مثل برنامج أجير برعاية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الإعارة المؤقتة للموظفين تسهم في تسهيل عملية النمو المتسارع في ظل هذه الأزمة.
فريق نعناع
تأسست الشركة على يد الثلاثي سامي الحلوة، أحمد الصمعاني، وبكر الشريف. ويُعد سامي الحلوة رائد أعمال خبير في مجال التكنولوجيا حيث أسس عدة شركات على مدار 16 عام. فيما يُعتبر بكر، المدير التقني للشركة، مهندس برمجيات قام بمساعدة سامي على تطوير عدة منتجات في الماضي. أما أحمد، فهو متخصص في تصميم الأجهزة، وهو المسئول عن تطوير الأجهزة والأدوات خلف سلاسة عمل نعناع. وقد اتفق جميعهم على التركيز على تطوير نعناع في 2016 ليجذبوا بعدها الأنظار لعدد من المستثمرين الملائكيين لدعم فكرتهم.
بعدها، انضم لهم عبدالمجيد الصيخان، الذي أصبح المدير المالي لنعناع. ففي أواخر 2017، التقى الفريق مع عبدالمجيد الصيخان، رائد الأعمال النشط الذي كان قد بدأ مشروعًا للتوصيل (Last Mile) باسم “هابلي”. ليقرر بعدها الفريق توحيد إمكانياتهم باستحواذ نعناع على هابلي وانضمام عبدالمجيد لنعناع كمؤسس شريك مع شغله منصب المدير المالي. وتتمثل مساهمة عبدالمجيد للفريق في إدارة العمليات اللوجستية بشكل أكثر كفاءة، بجانب الشيء الأكثر أهمية، وهو إدارة الجولات الاستثمارية للفريق.
بدأت الجولة الأولى لنعناع في مايو 2016، وتمكنت وقتها من جنى 2.1 مليون دولار في جولة استثمارية (Seed) من مستثمرين ملائكيين، تبعتها جولة بقيمة 2.2 مليون دولار (Convertible Note) في 2017. وكانت الجولتان داعمتان لنعناع في تعزيز مكانتها في السوق والتوسع إلى مناطق متفرقة في المملكة.
ومع فهم أفضل لثغرات السوق والقيمة المضافة التي تقدمها نعناع، حصدت الشركة جولة استثمارية بقيمة 6.6 مليون دولار (Series A) عام 2019، قادها صندوق Impact46، و MEVP ، وشارك فيها Watar Partners، ومضة كابيتال، والشركة السعودية للاستثمار الجريء (SVC ). وكان الهدف منها مضاعفة النمو والتوسع وتحسين خدمة العملاء.
كما أضاف عبدالعزيز العمران، الشريك في Impact46، على هذه الجولة تحديداً: “بدأت Impact46 بالتعامل مع نعناع أواخر 2018، في الوقت الذي كنا نعمل فيها على تأسيس صناديق الاستثمار الخاصة فينا، التزمنا في جولة (Series A) في مارس 2019 بمبلغ 5 مليون دولار حتى قبل تجهيز الترخيص الخاص بنا. سعداء اليوم بقرارنا لأنه فتح لنا أبواباً لإنشاء صندوق Growth Fund الذي يميزنا عن منافسينا لتتوج نعناع كأول استثمار للصندوق. كان قرار الانتقال إلى نموذج المنصة الإلكترونية (marketplace) في عام 2019 قراراً شجاعاً ونقلة نوعية من الإدارة أثبت نجاحها الكبير عند تنفيذها. كانت لدينا شكوك، لكن إيماننا كان بالمؤسسين وخبرتهم.”
وشهدت بداية الشهر الحالي، إغلاق نعناع لجولة استثمارية (Series B) بقيمة 67 مليون ريال سعودي (18 مليون دولار أمريكي)، لزيادة التوسع ودفع عجلة النمو أكثر من أي وقت، مع خطط للوصول إلى بلدان مختلفة في المنطقة. وقد قاد الجولة الاستثمارية صندوق STV الذي يُعد أكبر صناديق الاستثمار في الشرق الأوسط بقيمة تبلغ 500 مليون دولار، وشاركه فيها صندوق Impact46، ومضة كابيتال، شركاء وتر (MEVP ، (Watar Partners، والشركة السعودية للاستثمار الجريء (SVC). وباستثناء STV، فإن جميع المشاركين في هذه الجولة مستثمرين سابقين في جولة نعناع السابقة (Series A) ما يُدلل على الزخم والطاقة الهائلة التي أظهرها فريق نعناع.