ساعدت جائحة كورونا في تبني التقنية بطريقة غير مسبوقة خلال العامين الماضيين؛ وخاصة التجارة الإلكترونية التي وصلت إلى أعلى نمو لها على الإطلاق. وكان اضطرار الناس للبقاء في المنازل والانعزال عن الاختلاط في العالم سببًا أساسيًا في هذا النمو، لكن القيود التي كانت مفروضة ما بعد تفشى الوباء انخفضت في دول العالم المختلفة ما أعاد للناس حياتهم الطبيعية إلى حدِ بعيد.
وكما ظهر في الفترة الأخيرة، فإن الناس صارت قادرة على الذهاب للمتاجر والتسوق بحرية ومعاينة المنتجات بطريقتها الخاصة قبل الشراء، الأمر الذي بطريقة أو بأخرى قلل الاعتماد على منصات التجارة الإلكترونية لشراء الكثير من المنتجات؛ لتنقلب الأمور بذلك إلى مكانها السابق لدى الكثيرين.
كان الشراء عبر الإنترنت الطريقة الأسهل والأسلم للحصول على المنتجات والوقاية من كوفيد-19، لكن مع تراجع انتشار الوباء ربما وجدت منصات التجارة الإلكترونية نفسها في تراجع على عكس المتوقع؛ فقد تمكنت شركات مثل أمازون وشوبيفاي وايباي من تحقيق أرقام مذهلة مع بداية الوباء، لكنها الآن شهدت تراجعًا في مبيعاتها الأمر الذي ينعكس على تراجع أسهمها في أسواق المال.
وعلى عكس التجارب الأخرى التي فرضها الوباء مثل العمل عن بعد، فإن التجربة الخاصة بالتسوق الحقيقي يبدو من الصعب تعويضها من خلال التسوق عبر الإنترنت، وهو ما يدفع الناس للذهاب إلى المتاجر ومراكز التسوق حتى ولو لأشياء بسيطة؛ سواء كان الأمر للشراء فعليًا والاعتماد على متاجر التجزئة، أو للاستمتاع بتجربة التسوق والتنقل بين المتاجر، أو حتى رغبة في إعادة الحق الذي سلبه الوباء من الناس للتنقل والشراء بحرية.
عودة إلى ما سبق
عندما اشتد انتشار الوباء في الربع الثاني من 2020 وفرضت الحكومات قيود الجلوس الإجباري في المنازل، ارتفعت مبيعات متاجر التجزئة ذات الحضور الرقمي بنسبة 15.7% وفقًا لمكتب تعداد الولايات المتحدة الحكومي، لكن مع مرور الوقت ووصول الربع الأخير من 2021 وتراجع القيود المفروضة على الناس فإن الشراء عبر الإنترنت تراجع لنحو 12.9% في الولايات المتحدة.
فيما كان شهر مارس الماضي هو الأول الذي يشهد تراجعًا في مبيعات قطاع التجارة الإلكترونية على أساس سنوي، شهدت مبيعات المتاجر الفعلية نموًا بحسب ما أشارت له ماستر كارد من خلال تتبع حركات بطاقات الدفع التي توفرها، ووفقًا لتقرير من ووال ستريت جورنال.
هذا الأمر لا يبدو مقتصرًا على الولايات المتحدة، لأننا نشاهد اكتظاظ مراكز التسوق والمراكز التجارية بشكل كبير في كل مكان نذهب إليه في الوقت الحالي، وهو ما يوحي بعودة توجهات الجمهور للشراء من المتاجر الفعلية وابتعادهم عن الشراء عبر الإنترنت بشكل أو بأخر.
ورغم أن الأرقام توضح نمو التجارة الإلكترونية بشكل بسيط مقارنة مع قبل الوباء إذا استثنينا القفزة الكبيرة أثناء الوباء وتراجعها، إلا أن القطاع ربما لا يشهد النمو المنتظر خاصة على مستوى خدمة المستهلك النهائي.
لأن التجربة مهمة
ربما يكون من الممكن الحصول على تجربة ترفيهية لمشاهدة فيلم ما على شاشة التلفزيون في المنزل مع توافر خدمات بث المحتوى، وكذلك الحال مع الحصول على تجربة عمل مريحة من المنزل عن بعد في حال توافرت الأدوات اللازمة، لكن ربما من الصعب تغيير سلوكيات الناس تجاه تجارب التسوق خاصة أنها تجمع بين الحصول على جولة ترفيهية للكثيرين وبين اختيار المنتجات المناسبة ومعاينتها لضمان الحصول على الخيار المناسب (الجزء الأخير قامت بعض المنصات بحله مثلما فعلت نجري في المملكة العربية السعودي مع اتاحة الفرصة للمستهلكين معاينة الأحذية في منازلهم قبل إتمام الشراء).