بعد فتره من الانتظار والترقب صدر نظام الشركات السعودي في شهر يوليو لهذا العام 2022م. جاء النظام بتحول كبير، روحه الأساسية توفير أعلى درجات المرونة. كما جاء النظام مشجعًا لريادة الأعمال وموفرًا لبيئة مميزة تمكنها من النجاح والازدهار. ولحجم التطوير في نظام الشركات، فإنه لا يمكن تغطية مختلف جوانبه في مقالة أو مقالتين، ولكننا سوف نحاول في هذه المقالة تسليط الضوء على أبرز الجوانب التي تهم رواد الأعمال ومستثمري الملكية الخاصة والاستثمار الجريء.
أهم تغيير طرأ على النظام في لغته بعدد من المواضع أنه أعطى المجال للشركاء أو المساهمين لتنظيم شركاتهم أو العلاقة فيما بينهم كما يرون في النظام الأساس أو عقد الشراكة بينهم بما لا يتعارض مع النظام. قد يبدو هذا التغيير بسيطًا ولكنه التغيير الأكبر في نظام الشركات الجديد ويمنح مساحة كبيرة للتطور والابداع في تكييف العلاقات التعاقدية بين الأطراف لما فيه مصلحة الشركاء والمساهمين.
يجيز النظام مفهوم أسهم الموظفين “ESOP” والتي يحتاجها رواد الأعمال لتحفيز والمحافظة على أبرز الموظفين ويسمح بما يسمى في الأنظمة المقارنة بـ “vesting” أو استحقاقها على فترات بشكل تدريجي.
جاء النظام كذلك ليجيز وجود فئات للأسهم والمعروفة بـ”Share classes”، كما أجاز تحويل تلك الفئات إلى فئات أخرى وفق اشتراطات، والتي تحتاجها العديد من الشركات كما تحتاجها صناديق الاستثمار الجريء والملكية الخاصة في جولاتها الاستثمارية.
يسمح نظام الشركات بوجود أدوات جديدة للتخارج ومنها؛ إمكانية إلزام أكثرية المساهمين لأقلية المساهمين ببيع أسهمهم مع الأكثرية لمشتر وهو ما يعرف بـ”Drag along”، وإمكانية إلزام أقلية المساهمين للأكثرية بضمان بيع أسهمهم مع الأكثرية لمشتر وهو ما يعرف بـ”Tag along”، وهي من الأدوات التي يفضلها العديد من الشركاء لما لها من مزايا، كما يفضلها المستثمرون من جهة أخرى.
أجاز النظام للمساهم في حال تملكه لما نسبته (90%) من أسهم الشركة، الحق بتقديم عرضه لبقية المساهمين لشراء أسهمهم وهو ما يعرف بـ”Squeeze out”. كما أنه في حال تملك مساهم لما نسبته (90%) من أسهم الشركة فإنه يحق للمالكين لما نسبته (10%) طلب شراء أسهم من قبل المساهم المالك لـ(90%) وهو ما يعرف بـ”Sell out” وفق شروط ذكرها النظام، كما أتاح آلية في حال الاعتراض على السعر أمام القضاء والتي يمكن القول إنها شبيهة بما يسمى “Appraisal Right”.
أضاف نظام الشركات كذلك فكرة تقسيم الشركات؛ وهو أن تقسم الشركة الواحدة إلى شركتين أو أكثر ولها أنواع.
أجاز النظام -وفقًا لشروط- أدوات الدين والصكوك التمويلية القابلة للتحويل إلى أسهم، وهو شبيه بما يعرف بـ”convertible notes”، والتي يستعملها المستثمرون في الاستثمارات الجريئة وغيرهم.
كما جاء النظام ليوجد شكلًا جديدًا من أشكال الشركات؛ وهو شركة المساهمة المبسطة والتي تشتمل على أحكام أقل من الشركات المساهمة لتعطي مساحة أكثر لأنواع معينة من الاستثمارات مجالًا أوسع وطريقًا أكثر مرونة لتنظيم شؤونها. وسمح أيضًا بتأسيسها دون متطلبات الحد الأدنى لرأس المال.
يفهم من النظام وجود مرونة للشركات في تحديد آلية إدارتها، الأمر الذي يعطي المستثمرين فرصة لتحديد آلية إدارة الشركة من خلال وضع اشتراطات خاصة لهم ومنها ما يعرف بـ”Reserved matters”.
وأكد النظام على جواز اختيار التحكيم كخيار بديل لحل المنازعات بين الشركاء أو الشركاء والجهاز الإداري فيها. وهذا الخيار يعد كذلك أحد الخيارات المهمة التي نص عليها نظام الشركات.
قمنا في هذه المقالة المختصرة بجولة سريعة عن أبرز الجوانب في نظام الشركات السعودي الجديد، والتي لها تأثير كبير على الاستثمار وريادة الأعمال. ونعتقد أن نظام الشركات السعودي بحلته الجديدة بداية لمرحلة مختلفة للتجارة والاستثمار وريادة الأعمال المبنية على مرونة عالية ليشرع لبيئة أكثر جاذبية للاستثمار تؤدي إلى نمو وازدهار الاقتصاد.
قصي السيف، المدير الإداري والرئيس التنفيذي لسدو كابيتال.
الدكتور ملحم الملحم، المحامي والمستشار القانوني.