مقالات

كيف يمكنك تقسيم حصص شركتك مع المؤسسين المشاركين؟

إذا كنت قد بدأت شركتك الناشئة ووجدت شركائك أو شريكك المأمول، فإن أحد أهم الخطوات للتوافق تتمثل في تحديد حصص كل منكم لتجنب أي مشكلات في المستقبل. لذا، من المهم جلوسكم معًا للنقاش حول طريقة تقسيم الحصص والنسبة المستحقة لكل مؤسس بناءً على معايير مختلفة سواء كانت تتمحور حول المساهمة المالية أو الأدوار العملية أو غيرها من الأمور المساهمة في تدشين الشركة.

متى يتوجب تقسيم حصص المؤسسين؟

يتعين على المؤسسين الشركاء اتخاذ العديد من القرارات عند بدء رحلتهم العملية معًا، لكن تقسيم الحصص فيما بينهم أمر لا بد منه في بداية الرحلة. ويجدر القول إن نقاط تقسيم الحصص وحقوق الملكية بين المؤسسين يجب تضمينها منذ البداية في اتفاقية المؤسسين المكتوبة والتي تحوي تواقيع كل منهم، لتجنب مواجهة أي تضارب في المصالح مستقبلًا.

وربما تكون مترددًا في بعض الأحيان حول اعطاء شركائك المؤسسين حصة من الأسهم في وقت مبكر من عمر الشركة لاحتمالية مغاردتهم لاحقاً، بالتالي فإن وجود اتفاق على آلية استحقاق الأسهم ستضمن لك ولشركائك الحماية من هذا السيناريو.

وهنا في الكثير من الحالات يمكن التوجه نحو خيار الاستحقاق على فترات منتظمة، وذلك من خلال جدول الاستحقاق الذي يوضح فرصة حصول كل مؤسس على نسبة محددة وفقًا لفترة عمله أو إنجازاته مع الشركة. ومثال على ذلك؛ قد ينص جدول الاستحقاق على حصولك وشريكك على 25% من حصة كل منكما كل عام، ما يعني أنكما ستحصلان على النسبة كاملة بعد 4 سنوات.

لذا، يمكن القول إن جدول الاستحقاق أمر لا بد منه مكتوبًا عند كتابة اتفاقية المؤسسين للتوافق حول آلية توزيع الحصص في المستقبل.

كيف يمكن تقسيم حصص المؤسسين؟

يوجد طريقتان لتقسيم الحصص بين المؤسسين؛ إحداها بالمناصفة أو بالتساوي، والأخرى هي الطريقة المرنة المبنية على معايير يتم الاتفاق عليها عند كتابة اتفاقية التأسيس.

التقسيم بالمناصفة/ بالتساوي

متى يجب تقسيم الحصص بالمناصفة؟

الإجابة على هذه السؤال سهلة: يمكن تقسيم الحصص بالتساوي في أي وقت! لأن التقسيم المتساوي بين المؤسسين يضمن التزام الجميع مع الشركة على نفس القدر – وهذا هو السبب الأهم لبحث أي مؤسس عن شريك أو شركاء معه.

لا تنس أن السبب الأول لبحثك عن شريك مؤسس هو رغبتك بجلب أحدهم لمساعدتك في أخذ الحمل الثقيل عن كاهلك مع إطلاق شركتك، لذا فإن تقسيم الحصص بالتساوي يضمن العدالة مقابل الجهد في حال نجاح شركتكم الناشئة. لذا إذا كنت مترددًا في توزيع الحصص بالمناصفة مع شريكك، فربما عليك التفكير مجددًا في اختياره والعمل معه. فالثقة والإيمان ببعضكم البعض ضرورية لنجاح الشراكة، وتقسيم الحصص بالمناصفة يعني أن الثقة بينكم متبادلة حيال المجهود الذي سيبذل من كلا الطرفين لإنجاح الشركة.

وعلى من وجود حول بعض الحالات التي لا يكون من المنطقي تقسيم الحصص فيها بالتساوي، يحذر مايكل سيبل الرئيس التنفيذي لمسرعة YC من هذا الأمر، كونه قد يمنح أحد المؤسسين حصة أكبر مما يستحق مقارنة مع غيره، مما قد يتسبب بخلافات ونزاعات في المستقبل.

  • إيجابيات تقسيم المناصفة

أكبر فائدة لتقسيم الحصص بالتساوي هي تحفيز جميع الشركاء على العمل بنفس الجدية لتحقيق أهدافهم، فحتى لو بذل أحد المؤسسين وقت وجهد أكبر في العمل في المرحلة الأولى، فالكثير من العمل الشاق لا يزال ينتظر الجميع.

ومهما كانت المرحلة التي وصلتها الشركة، إذا كنت تهدف ليكون شريكك متحمسًا بنفس قدرك، فهنا يجب أن ينظر كلاكما للحصول على نفس الحصة لأنه سيساهم بدفعكما للأمام بنفس القدر.

انظر لها من هذه الزاوية: إذا كنت الشخص الذي ابتكر فكرة الشركة وجلبت أحد الشركاء المؤسسين لمساعدتك لاحقًا في بناء المنتج الذي لم يكن بإمكانك تطويره بنفسك، أو ربما وجدت شريكًا يكمل مهاراتك وخبراتك بطرق أخرى مثل شخص لديه شبكة علاقات قوية أو قادر على اكتساب العملاء. فقرارك لاستقطابه كان بسبب تقديرك لما يمتلكه ومعرفتك أن نجاح مشروعك يتطلب تواجده.

لكن إذا قررت أن تمنح شريكك حصة أقل منك لمجرد عملك على المشروع فترة أطول، فإنت هنا تلمح إلى إنك أهم من شريكك لنجاح المشروع ولا تقيمه بنفس القدر – هذا ما يحصل حتى لو لم يكن ذلك رأيك.

وفي هذه الحالة، لو شعر المؤسس الشريك أنك تمنحه أقل من قيمته الحقيقية التي جلبته بسببها، فربما لن يعمل بنفس المثابرة والقدر الذي تقوم به، كما أنه ربما يترك الشركة حتى قبل تحقيقها النجاح – هذه الحالة يصفها المثل الدارج “رِجل بره ورِجل جوه” بدل من أن تكون كلاهما بالداخل “جوه”.

إن تقسيم الحصص بالتساوي مع شريكك سيعزز من عمق العلاقة بينكما لأنه يدلل على الثقة الممنوحة له، وسيبعد المشاعر السلبية مستقبلا عند نجاح المشروع.

  • سلبيات تقسيم المناصفة/ التساوي

تحتاج الشركات إلى صاحب قرار في العمليات خاصة الحاسمة منها، لكن تقسيم الحصص بالتساوي يعني أن بعض القرارات ربما تجد طريقًا مسدودًا لتنفيذها في حال لم يتفق الشركاء عليها، لا سيما عندما يكون هناك شريكين ولكل منها 50% من الشركة.

هذه العثرة تجعل البعض يذهب لتقسيم الحصص بشكل شبه متساو إلى 51% مقابل 49% لإعطاء أحد الشركاء قوة تصويتيه أعلى يستطيع معها اتخاذ القرارات المصيرية في الشركة.

وهناك سلبية أخرى في تقسيم المناصفة يتمحور حول العدالة في العملية، فإذا كان يوفر أحد المؤسسين كل جهده ووقته للشركة في حين لا يقوم شريكه بنفس الأمر، فإن التقسيم المتساوي ربما لن يكون منصفًا كما يجب. لكن يتوجب التنويه لوجود حالات نادرة يكون من المفيد فيها تقسيم الحصص بالتساوي في حال كانت مساهمتهم تزداد تدريجيًا في المستقبل – مثلما الحال مع جلب شريك تقني بدوام جزئي.

التقسيم المرن

متي يجب التوجه نحو التقسيم المرن ومتى يتوجب تجنبه؟

رغم أن تقسيم الحصص بالتساوي من أفضل الطرق الممكن اتباعها بين المؤسسين، إلا أن هناك حالات تحتاج النظر فيها ويكون من الأنسب الاتفاق على طريقة مرنة لتقسيم الحصص بشكل غير متساو – تعرف هذه الطريق باسم التقسيمات المرنة.

ويعتبر أحد أهم أسباب هذا التوجه في التقسيم إلى كون مصدر الفكرة جاءت من أحدهم، ما يعني حقه بالحصول على نسبة أكبر من وجهة النظر المتوافقة مع ذلك. على الجانب الآخر، يميل بعض الخبراء في الشركات الناشئة إلى كون هذه النقطة ليست سببًا كافياً لتقسيم الحصص بهذه الطريقة، وذلك لأن الأفكار لا تساوي شيئًا بدون تنفيذ، وبالتالي إذا كان صاحب الفكرة يحتاج شخصًا لمساعدتها في تنفيذها وإنجاحها، فهذا يعني أن قيمته للشركة على نفس القدر مع صاحب الفكرة، لذلك ليس من حق صاحب الفكرة الحصول على حصة أكبر لمجرد ابتكارها.

على نفس الجهة، فهناك أسباب أخرى تدفع المؤسسين لتقسيم الشركة بحصص غير متساوية؛ منها:

  • عمل أحد المؤسسين الشركاء لفترة أطول بالشركة.
  • امتلاك أحد المؤسسين لخبرة أطول بالمجال.
  • استثمار أحدهم بمبالغ مالية أكبر أو مساهمته بجمع استثمارات أكثر.
  • انضمام مؤسس شريك للشركة بعد تطوير نموذج عمل أو منتج أولي.

لكن عند النظر في الأسباب السابقة، تجدها تميل إلى منح حصة أكبر للشركاء الذين عملوا فترة أطول بالشركة، ما يعني منح الشريك المنضم مؤخرًا قيمة أقل. والحقيقة أن بناء شركة مرتفعة القيمة يستغرق مدة قد تصل 10 سنوات، وبالتالي هناك متسع من الوقت لجميع المؤسسين السابقين والمنضمين لاحقًا للمساهمة على قدم السواء.

تتلخص لدينا فكرة مهمة هنا، تتمثل في عدم النظر لأشياء مثل صاحب الفكرة الأولية أو مدة عمل الشريك أمورًا حاسمة بدرجة كبيرة في قرارات تقسيم الأسهم.

في المقابل، دعنا نلقي نظرة على السيناريوهات التي يكون من خلالهما تقسيم الحصص بالطريقة المرنة أكثر منطقية وعدالة:

السيناريو الأول يتمحور حول رغبتك بأن يكون أحد الشركاء يتحكم بنسبة أعلى قليلًا لجعل اتخاذ القرارات أو التصويت عليها أكثر سهولة. ورغم أن الكثيرين يختلفون حول هذا المسار، إلا أن تقسيم الحصص بنسب حول 51-49% يعتبر منطقيًا عندما ترتفع الحاجة لتحديد الشخص المخول باتخاذ القرارات الحاسمة.

أما المسار الآخر فيتمثل في منح أحد المؤسسين الشركاء أغلبية طفيفة ليتسنى له السيطرة على الشركة في حال قرر الشريك بيع حصته وترك الشركة بالمستقبل، وهنا غالبًا ما يكون المؤسس الرئيس هو صاحب الحصة الأكبر.

كذلك، يمكن تقسيم الحصص بمرونة في حال كان واضحًا أن أحد الشركاء سيعمل أكثر ولوقت أطول على المشروع، مقارنة مع شريك آخر. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تعمل بدوام كامل فيما يقسم شريكك وقته بين وظيفته وشركتك، فمن المنطقي حصولك على حصة أغلبية؛ في هذه الحال من الممكن تقسيم الحصص 40-60%، رغم أن هذه الحالات قد تتوجب منك إعادة النظر في شريكك المؤسس كون العمل على المشروع يجب أن يكون متساويًا.

يجب التنويه أن كل علاقة بين الشركاء وكل شركة هي حالة مختلفة ومتفردة، لذا من المهم الجلوس مع شريكك أو شركائك لمناقشة الأفكار والمشاعر بانفتاح وصراحة للتوصل لاتفاق عادل يناسب الجميع في حال التوجه نحو تقسيم الأسهم المرن.

  • إيجابيات التقسيم المرن

حصول كل مؤسس شريك على حصته بدقة وفق مختلف المعاييرهو أكبر فوائد استخدام نموذج تقسيم الحصص المرن. وسواء كنت ترغب في استخدام هذا النموذج لتفادي عرقلة القرارات أو لتعويض أحد المؤسسين عن قيامه بعمل أكبر من غيره، يمكنك وضع معايير وحساب النسب بطرق مختلفة لجعل الجميع سعداء.

كما أن هناك فائدة أخرى مهمة لهذا النموذج تتمثل في إتاحته الفرصة لاتخاذ العديد من الأمور في الحسبان لتقسيم الحصص، وبالتالي تعتبر مفيدة جدًا عندما يكون هناك أكثر من مؤسسين بأدوار ومسؤوليات مختلفة تمامًا.

  • سلبيات التقسيم المرن

أهم عيوب هذا النموذج هو تركيزه على حالة الشركة وقت الاتفاق على التقسيم، ما يعني أنها مناسبة لوضع الشركة في حالتها الراهنة لكن ربما لا تكون كذلك في المستقبل. فعلى سبيل المثال، إذا كان شريكك لا يملك الوقت الكافي لصرف نفس عدد الساعات على المشروع مثلك، فهذا لا يعني أنه لن يعمل مثلك أو أكثر في المستقبل مع نمو الشركة. لذا فإن ما تراه عادلًا في الوقت الحالي ربما لن يكون كذلك لاحقًا، وهذا السبب خلف اعتقاد الخبراء أن التقسيم المتساوي هو الخيار الأفضل مع وجود مؤسسين مشاركين ملتزمين بنفس القدر لأن ساعات العمل ستصبح متقاربة أو متساوية مع الوقت.

هناك سلبية أخرى تتعلق بمنح أحد الشركاء حصة أكبر من أجل تسهيل اتخاذ القرارات، حيث يرى خبراء الأعمال أنه بدلًا من منح شخص سلطة أكبر في التصويت على قرارات الشركة، يتوجب النظر إلى أهمية اتفاق جميع المؤسسين على القرارات الحاسمة للاستمرار. وهذا يعني أن التقسيم المتساوي يساعد في هذه الخطوة أكثر من التقسيم المرن.

اذا اردنا أن نلخص السبب الرئيس وراء وجهتي النظر المختلفتين حيال طرق التقسيم أعلاه: التقسيم بالمناصفة والتقسيم المرن، فسنلاحظ أن التقسيم المرن ينطلق من كونه منطقيًا أكثر لمن ينظر إلى المدى القريب، في حين أن التقسيم بالمناصفة يكون أكثر منطقية لو نظرنا إلى المدى البعيد.

——————

هذا المقال مُعرب بتصرف من مقال منشور على Failory.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى