مقالات

هل أنت جاهز لمذكرة الشروط (Term Sheet) والتفاوض عليها؟

بعد القيام بجوله تمويلية (استثمارية) طويلة ومنهكة محورها تقديم العرض الاستثماري مرة بعد الأخرى للمستثمرين المستهدفين والمناسبين لشركتك؛ سواء كانوا صناديق رأس مال جريء أو مستثمرين ملائكيين، وبعد انتظار وترقب واتصالات عديدة تصلك مذكرة الشروط المعروفة بـ  Term Sheet من المستثمر معلنة بداية مرحلة جديدة شديدة التوتر ومليئة بالمفاجآت ويحيطها الكثير من الآمال والتوقعات مصدرها هذه الاتفاقية غير الملزمة للطرفين – أشبه بخطاب حسن النوايا، والتي من خلالها يستعرض المستثمر عديد الأمور بما فيها؛ الشروط، والقيود، والحقوق، والتقييم، والمبلغ المستثمر، والنسب المرغوب بالاتفاق عليها للاستثمار في شركتك الناشئة، والتي بالتالي في حال الاتفاق ستؤسس لبنود الاتفاقيات القانونية اللاحقة والملزمة للطرفين كما هو مشروح في هذا المقال (تعرف على الوثائق والأحكام المهمة في الاستثمار الجريء).

وكنتيجة محتملة لجولة استثمارية ناجحة قد يصلك أكثر من مذكرة شروط في الوقت نفسه، مما يتيح لك إجراء مقارنة بين العروض ومعرفة مدى جاذبية شركتك لدى المستثمرين وتقييمهم لها، ما يعزز بدوره موقفك التفاوضي مع الأطراف المعنية مع مراعاة عامل الوقت وسرعة التفاعل مع هذه العروض لكي تغلق هذه الصفقة بنجاح وبقبول الطرفين. وبغض النظر عن عدد مذكرات الشروط من المهم في كل الأحوال التركيز على هذه الشروط ومعالجتها مبكرًا لإغلاق الصفقة والعودة إلى تنمية وتطوير أعمال شركتك التقنية الناشئة.

ارسال ورقة الشروط من المستثمر يعني أنه يرى جدوى من الاستثمار في شركتك ومستقبلها وأنه قد قام بالفحص النافي للجهالة والالمام التام بالمعلومات والأرقام في غرفة البيانات (Data Room) المعدة لهذا الغرض من المؤسس لاستخدام المستثمر (يلزم جاهزية واكتمال غرفة البيانات قبل الشروع في الجولة الاستثمارية)، مما يترتب عليه التخطيط السليم والجاهزية الكاملة من المؤسس/المؤسسين لعملية التفاوض وبدء النقاش لمذكرة الشروط.

من المهم جد أن يفهم ويلم المؤسسون وفريق التفاوض بالمصطلحات والمفردات والشروط والهيكلة المتعارف عليها في منظومة الشركات الناشئة والبيئة المحيطة وذلك قبل الدخول في عملية الجولة الاستثمارية ولاحقًا مذكرة الشروط وما يتبعها من إجراءات (إذا لزم عمل ورش عمل داخلية تثقيفية أو تدريبية لهذا الغرض) لرسم استراتيجية واضحة المعالم لعملية التفاوض وتحديد الأولويات في مناقشة تلك الشروط والإحاطة بمحاذير وشروط قد تكون مجحفة بحق المؤسس/المؤسسين أو الشروط المرفوضة أساسًا والتي تلغي الصفقة بكاملها.

نقاش داخلي هام بين المؤسسين يجب أن يحسم من هو المستثمر المناسب والمستهدف للشركة والمتوافق مع رؤيتها وأهدافها والقيمة التي سيضيفها للشركة ومستقبلها، ما يؤهله للحصول على بعض التنازلات حيث يتم الاتفاق عليه من المؤسسين قبل الشروع في الجولة التمويلية ووصول مذكرة الشروط – للمزيد من الشرح لهذا الموضوع الرجاء الاطلاع على مقال (من هو المستثمر المناسب لمشروعي؟ وكيف اختاره؟). السؤال المهم الذي يجب الإجابة عليه من المؤسس أو المؤسسين مجتمعين – هل ترضى بالمستثمر المناسب وتقييم أقل مقابل مستثمر غير مناسب وتقييم أكبر أم العكس؟

باستلام ورقة الشروط بمثابتك المؤسس يجب مباشرة الارتباط بمحامي متخصص يمتلك خبرة في الجولات التمويلية للشركات التقنية الناشئة (مهم جدًا) وبدوام كامل لدراسة ومناقشة الشروط والقيود والاتفاق داخليًا بين المؤسسين على الحدود للتفاوض وما هو مقبول ومعقول والعكس. في نفس الوقت كمؤسس أو مؤسسين لا تحاول بأي شكل من الأشكال أن تتفاوض مباشرة مع المستثمر وبدون إشراف محامي (تواجد المؤسس مع المحامي طوال الوقت وتفادى انفراد المحامي بالعملية بالكامل لعدم إلمامه باستراتيجية الشركة ومدى توائمها مع الشروط والقيود المطروحة للتفاوض – أنت تقود المحامي وليس العكس) لما قد يترتب عليه من عواقب وخيمة على المدى المتوسط والطويل في العلاقة مع المستثمر وسلبيًا على نمو الشركة وبغض النظر عن أن هذا المستثمر هو مستهدف ويتوافق مع تطلعاتك.

في اجتماعات التفاوض يلزم التركيز على إظهار القيمة الجوهرية لشركتك والمضافة للمستثمر بدلًا من النقاش حول التقييم وهو ما قد يسعى إليه المؤسس والمستثمر مع المفاضلة بين المستثمر المناسب والتقييم العالي. وابتعد كليًا عن نمط الافتراض والتخمين أو الاعتقاد بما تم الاتفاق عليه (اعتقدت أنك تقصد كذا وكذا). كن واضحًا وصريحًا في طرحك وبالمقابل اطلب باستمرار الوضوح والشفافية فيما يتم طرحه وإذا لزم اطلب المزيد من الايضاح لما نوقش واختم كل اجتماع بإعادة سرد ما تم مناقشته والاتفاق عليه مع المستثمر وفهمك له (التكرار والتأكيد والتوثيق) مع مراعاة عامل الوقت المقيد لصلاحية ورقة الشروط، إذا لزم لا تتردد في التواصل الشخصي والمباشر والسريع لمعالجة النقاط العالقة (ليس للتفاوض وإنما للاستيضاح والحصول على الجواب الشافي والوافي).

ولا تقبل أو توافق على أي بند من بنود ورقة الشروط إلا بعد الإلمام التام بهذا البند وتأثيره وتبعاته على الشركة في الجولات التالية والسنوات القادمة. ودائمًا تذكر أن هذا المستثمر لو تم قبوله فإنه سيكون شريكك لسنوات قادمة (هل هو المستثمر الذي ترغب بارتباطه بالشركة ومستقبلها أم لا؟)، إذا كانت الإجابة بـ “لا” فلا تتردد بالانسحاب من عملية التفاوض كليًا.

تتفاوت بنود مذكرة الشروط بالزيادة أو النقصان من حيث العدد والعمق والتفاصيل والتعقيد حسب عمر الشركة الناشئة  والمرحلة التي أجريت فيها الجولة الاستثمارية ومبلغ الجولة وهيكل رأس مال الشركة القائم كذلك من جولة إلى أخرى، لكن يبقى هدف ورقة الشروط هو عرض المبلغ المستثمر وبأي شروط سيتم الاستثمار وفتح باب التفاوض، واستهداف إيجاد توازن بين المخاطر والمكاسب، وتحديد نقاط التلاقي لكلا الطرفين من خلال مفاوضة ومناقشة بنّاءة وإيجابية بين الطرفين والتي بشكل عام تغطي موضوع التمويل (الاستثمار وتوزيع الحصص والحقوق الملحقة بها)، والحوكمة المؤسسية التي ستطبق بعد إغلاق الجولة بنجاح، وموضوع التصفية والتخارج مستقبلًا. لمزيد من التفاصيل عن بنود وشروط مذكرة الشروط الرجاء الاطلاع على هذا الرابط. (ماهو الـ Term Sheet).

 

ختامًا قد لا تحصل على كل ما تريده من عملية التفاوض لمذكرة الشروط وهو المرجح، لكن الإلمام والمعرفة المسبقة بأولوياتك كمؤسس وشركة تقنية ناشئة والتركيز على المواضيع المهمة بجانب معرفتك بجزئيات مذكرة الشروط مهم تحقيقه، لكي يتيح لك المجال للمناورة والمفاضلة بحرفية للحصول على أفضل الشروط الممكنة لإنجاح الصفقة الاستثمارية لصالح شركتك ومستقبلها مع القبول الإيجابي من المستثمر بالاستثمار في شركتك ودعم خطط نموها.

والخلاصة، من المهم أن تعكس المهنية والاحترافية من خلال تمكنك والمامك بكامل حيثيات عملية التفاوض أمام المستثمر المتمرس لتعزز الثقة لديه وتؤكد جدوى استثماره في شركتك ومستقبلها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى