منذ أن بدأت العمل في مجال الاستثمار الجريء أتيحت لي الفرصة لمقابلة والعمل مع العديد من رواد الأعمال المتحمسين والشغوفين والمتطلعين لمستقبل مشرق. وبحكم عملي في مجال الاستثمار في الشركات الناشئة، كانت الكثير الشركات تبحث عن استثمار من صندوق استثمار جريء مما حفزني على كتابة هذا المقال بحيث نستعرض الصفات التي تبحث عنها صناديق الاستثمار الجريء عند استثمارها في الشركات الناشئة.
إن العمل على تأسيس شركة ناشئة ليست مهمة سهلة من عدة أوجه. وأحد المعوقات التي يواجهها رائد الأعمال التمويل، ومن أهم مصادر التمويل لهذا النوع من المنشآت صناديق الاستثمار الجريء. ولكن ليست كل الشركات مناسبة لهذا النوع من التمويل الاستثماري، وهنا سنقوم بمناقشة العناصر الأساسية لتحديد إذا ما كانت الشركة مناسبة للحصول على استثمار جريء.
ملاحظة: عدم توافق الشركة مع صندوق استثمار جريء للحصول على استثمار لا يدل على نجاحها من عدمه، أو قدرتها على الربح ولكنها فقط غير مناسبة لهذا النوع من الاستثمار.
حجم السوق المحتمل
يُعد حجم السوق المحتمل من أهم المعايير المؤثرة بشكل كبير في القرارات الاستثمارية لأي عمل تجاري، وكما يقول المثل الشعبي “جود السوق ولا جود البضاعة” – أي أن جودة وحجم السوق أهم من جودة المنتج. وفي حالة الاستثمار الجريء تتضاعف أهمية جودة السوق من ناحية وجود سوق متاح كبير (TAM) بإمكانيات نمو عالية جدًا فيه. وهذا يعني وجوب عمل الشركة الناشئة في القطاعات سريعة النمو والأسواق ضخمة الحجم من أجل الحصول على استثمار من صندوق رأس مال جريء.
وعلى سبيل المثال الشركات الناشئة في قطاعات مثل التقنية المالية، والأغذية والمشروبات، والتجارة الإلكترونية، والتوصيل والخدمات اللوجستية، تميل إلى امتلاك فرص أعلى لاستثمار جريء.
يهتم مديرو الصناديق الاستثمارية الجريئة أيضًا بالشركات الناشئة التي لديها فكرة عمل فريدة أو تقنية يمكن أن تزعزع أو تغير السوق بشكله الحالي. فإذا كان لشركتك الناشئة قيمة واعدة تحل مشكلة حقيقية للعملاء، ستكون جذابة لمستثمري رأس المال الجريء.
الفريق
تعتبِر الكثير من صناديق الاستثمار الجريء أن الاستثمار في المراحل الأولية من حياة الشركة الناشئة هو استثمار في الفريق أكثر من الفكرة. لأن القدرة على تنفيذ هذه الفكرة وإقناع العملاء بها أحد أكبر المخاطر التي تواجه الشركات الناشئة في بداياتها.
إن وجود فريق قوي ذا خبرة ويتمتع بسجل حافل للنجاح يمكن أن يزيد فرصك في تأمين استثمار لشركتك الناشئة، حيث يبحث المستثمرون عن المؤسسين الذين يتمتعون بفهم عميق للقطاعات التي يعملون فيها ولديهم المهارات اللازمة لتنفيذ خطة العمل. كما أن وجود فريق متنوع مع مهارات تكميلية يزيد من فرص النجاح وبالتالي الحصول على الاستثمار.
الزخم (traction)
يبحث مستثمرو رأس المال الجريء عن دلالات تقبل منتج الشركة الناشئة من العملاء والمستخدمين. لذلك، تحظى الشركات الناشئة التي لديها بعض الأدلة على حاجة السوق للمنتج بفرص أعلى للحصول على استثمار. وهذا يعني أن الشركة الناشئة يجب أن تتمتع ببعض الزخم؛ مثل قاعدة مستخدمين متزايدة، أو الإيرادات، أو شراكات مع لاعبين رئيسيين في القطاع.
إن امتلاك نموذج أولي عملي أو منتج قابل للتطبيق (MVP) اختُبر مع العملاء يمكن أن يزيد أيضًا من فرصك بالحصول على الاستثمار، وهو الحال عند إظهار اكتساب شركتك بالفعل بعض الزخم في السوق.
قابلية التوسع
من أهم المعايير التي تميَز الاستثمار الجريء قدرة الشركة الناشئة على التوسع السريع بدون قيود. ويهتم مستثمرو رأس المال الجريء بالأعمال التجارية التي يمكنها التوسع بسرعة ولديها القدرة على أن تصبح رائدة في السوق. هذا يعني وجوب أن يكون لدى الشركة الناشئة نموذج عمل قابل للتوسع والنمو بسرعة دون الحاجة إلى موارد إضافية. وإذا كان بإمكان شركتك الناشئة إثبات قدرتها على النمو بسرعة لتصبح رائدة في السوق، فقد تكون جذابة لمستثمري رأس المال الجريء.
التوقيت
التوقيت مهم عندما يتعلق الأمر برأس المال الجريء. فقد يكون من الصعب الحصول على استثمار من صندوق إذا كانت شركتك الناشئة في مرحلة مبكرة جدًا؛ لأن المستثمرين من هذا النوع يفضلون عادةً الشركات الناشئة التي تحققت من تقبُل السوق لمنتجاتها. من ناحية أخرى، إذا كانت شركتك الناشئة متأخرة جدًا، فقد لا تحتاج إلى تمويل من صندوق استثمار جريء على الإطلاق لأنه قد يكون لديك ما يكفي من العائدات والإيرادات أو الأرباح للتمويل من مصادر أخرى كالبنوك وصناديق الملكية الخاصة. وحتى بين صناديق الاستثمار الجريء هناك تفاوت في الاهتمام بمرحلة معينة من مراحل أنشاء الشركات الناشئة، ومن المهم جدًا معرفة المرحلة التي تمر فيها شركتك الناشئة والتواصل مع الصناديق المهتمة في نفس المرحلة.
بالإضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه، هناك بعض العوامل الأخرى التي تزيد من فرص حصولك على استثمار من صندوق استثمار جريء مثل:
- عرض تقديمي (Pitch Deck) واضح ومقنع يُبرز خطة عملك وحجم السوق المحتمل والفريق.
- بناء العلاقات مع العاملين في الصناديق الاستثمارية والتواصل مع رواد الأعمال الآخرين في مجال عملك.
- الانفتاح على تلقي التعليقات والملاحظات والاستعداد لإعادة توجيه نموذج عملك إذا لزم الأمر.
- الفهم القوي لأوضاعك المالية وإيضاح خططك للمستثمرين حول آلية استخدام التمويل لتنمية أعمالك.
- إعداد منشأتك لاستقبال الاستثمار من جميع النواحي سواءً كانت قانونية أو توزيع الملكيات أو أي ناحية أخرى.
- الحصول على استثمار من مستثمر مؤسسي مبكرًا بالشروط المناسبة، لأن ذلك سيساعد بالحصول على استثمار في جولاتك الاستثمارية المستقبلية.