مقالات

الجولات الاستثمارية واتفاقية عدم الإفشاء

تعرف اتفاقية عدم الإفشاء (الإفصاح)، أو السِّريّة، أو ما يعرف بـ (NDA agreement) بأنها: اتفاق قانوني يتضمن الشروط والأحكام التي بمقتضاها يفصح أحد الطرفين للطرف الآخر عن معلومات سِريّة أو معلومات قد ينطوي عليها طابع السِّريّة، ويتعهد الطرف الآخر بالحفاظ على تلك المعلومات، وهي اتفاقية شائعة في عالم المال والأعمال لحماية المعلومات والحفاظ على مصالح الأطراف، وفي الآونة الأخيرة أخذت معظم الشركات تسعى لتوقيع اتفاقية عدم الإفصاح قبل جولاتها الاستثمارية، فعند رغبتها في عقد شراكة معينة أو تعاون تجاري أو مناقشة صفقات اندماج واستحواذ صار رواد الأعمال يترخصون في مشاركة بعض نماذج أعمالهم واستراتيجياتهم وبعض الأسرار التجارية، وذلك لأن اتفاقية عدم الإفشاء تكفل حقهم وتمنحهم العهدة والضمان بعدم إفشاء الطرف الآخر عن هذه المعلومات السرية وإساءة استخدامها، ومتى ما انتهك هذا الطرف أي بند من بنود الاتفاقية سيكون عُرضة للمحاسبة القانونية.

في هذه المقالة سنسلط النظر على هذه الاتفاقية وبعض بنودها، إذ نرى من الواجب على رائد الأعمال التركيز على النقاط الجوهرية الآتية في صياغة اتفاقية عدم الإفشاء.

وإليك بيانها:

  • تحديد المعلومات السرية بعبارة دقيقة، وذلك بذكر تلك المعلومات في صدر الاتفاقية، وصياغة تعريف جامع تنتظم فيه جميع المعلومات ذات الصلة، فلا يكون هناك توسع في التعريف إلى درجة يكون فيها التعريف غامضًا أو غير مفهوم.
  • تحديد التزامات الطرف الآخر بصورة واضحة، فعلى سبيل المثال: لا بد أن توضع قيود صارمة على نسخ المعلومات أو نشرها بأي وسيلة كانت.
  • تحديد المعلومات التي يمكن للطرف الثاني الكشف عنها حتى تكون الاتفاقية معقولة تجاريًا ويمكن تطبيقها، ومن ذلك الإفصاح عن المسائل التي يتطلبها النظام أو يُكشف عنها بأمر محكمة ونحوه.
  • توضيح الغرض الذي من أجله تكشف المعلومات السرية، فتستخدم المعلومات في الغرض ذاته، وليس لأي غرض آخر ليس له صلة.
  • تحديد العلاقة بين الطرفين بوضوح، وأن يتضمن ذلك نطاق التزامات السِّريّة، فإن كان هناك موظفون أو أطراف ثالثة تنطبق عليهم بنود الاتفاقية.
  • تعيين القانون الحاكم الذي سيحكم الاتفاقية ويبين سبل حل النزاع، وهذا يرسم الإطار القانوني بوضوح ويمنع أي إشكالات قانونية تخص مسألة الاختصاص.
  • تحديد عواقب انتهاك الاتفاقية على أن تكون مشتقة من القوانين ذات الصلة، وأن تكون الجزاءات أو العواقب متوافقة مع النظام الحاكم للاتفاقية.
  • تضمين الأحكام المعيارية، ومن ذلك بنود التعديل والتنازل والإشعارات، حيث تساعد تلك الأحكام المعيارية في ضمان أن تكون اتفاقية عدم الإفشاء شاملة وملزمة بكافة بنودها وتسمح بإجراء تعديلات عليها.

فإذا ألقيت اليوم نظرة على سوق المال والأعمال، رأيت رواد الأعمال يتكؤون على الثقة وحسن النية في جولاتهم الاستثمارية، ولكن عند الحديث عن كيانات كبيرة وشركات ضخمة لها معلومات سرية ذات خطر وأهمية، فإنه لا سبيل لضبط تداول المعلومات السرية إلا بوجود حوكمة محددة لاتفاقية عدم الإفشاء، والأجدر برائد الأعمال أن يكون حريصاً على توقيع هذه الاتفاقية، فالوقاية القانونية خير من العلاج القانوني، كما أن توقيع الاتفاقية لا ينجم منها ضرر، بل لها منافع جمة، وفي مقدمتها أنها تمكن الشركات من حل النزاعات على نحو أسرع وبصورة مضمونة، نظرًا لتقنين العلاقة ومعرفة العواقب والجزاءات المترتبة عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى