يكثف العالم من جهوده للحفاظ على البيئة بوضع استراتيجيات مختلفة لمكافحة الانحباس الحراري وتقليص كمية المخلفات المتراكمة في جميع أنحاء العالم، إلا أن هذه الجهود تعاني من قلة الحيلة لتوفير حلول مثمرة لإنهاء المشكلات كليًا. لكن هناك من يحاول جاهدًا المساهمة في مكافحة هذه المشكلات من خلال التقنيات الحديثة، فظهرت شركات بحلول مبتكرة للوقوف أمام التحديات وتجاوزها بشكل أو بآخر.
كان التركيز الأكبر من الشركات الناشئة يتمحور حول حل مشكلة النفايات التي تتسبب بموت الكوكب تدريجيًا، وظهرت العديد منها بحلول مختلفة تركز على جانبين؛ الأول يتعامل مع الناس، والثاني يرمي لحلول أكثر تقدمًا من خلال المساهمة بإعادة تصنيع النفايات والمخلفات، ما يعني تقليل حجم النفايات غير المستخدمة والمساهمة في تصنيع منتجات جديدة.
الجانب الأول
خلال السنوات القليلة الماضية ظهرت شركات ناشئة تهدف لتحفيز الناس على الاستفادة من المخلفات عبر إعادة تصنيعها، فأصبحت تمنحهم فرصة للحصول على مقابل لكل ما يقومون بتقديمه لإعادة التصنيع. وبمجرد القيام بذلك، تعمل تلك الشركات الناشئة على جمع المخلفات وتوريدها لمصانع وشركات تعمل على إعادة الفرز والتصنيع.
وتساهم هذه العملية بتقليل المخلفات غير المستفاد منها، ومن جهة أخرى توفر طريقة أقل تكلفة لصناعة منتجات بمختلف أنواعها مثل اللدائن والزجاج. وإن كانت هذه الطريقة متاحة لسنوات في عديد من بلدان العالم، إلا أنها بدأت تعتمد تقنيات حديثة مبنية على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتسريع عملية الإنجاز وتحفيز الناس على المشاركة بها.
وبدأت بعض الشركات المعتمدة على منهجية مشابهة بالظهور في المنطقة العربية مؤخرًا، كشركة بلستكة المصرية التي تمنح المستخدمين نقاطًا مقابل المخلفات المراد التخلص منها بمجرد وضعها في أماكن محددة عبر التطبيق، ومن ثم تتيح الاستفادة من النقاط في توفير خصومات للمستخدمين في مطاعم ومتاجر مختلفة.
الجانب الثاني
بعد مرحلة جمع النفايات يتساءل البعض كيف يمكن للشركات الناشئة الاستفادة من هذه الفرصة؟ والحقيقة أن هناك شركات ظهرت في عدة دول تعمل على تطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي وتعلم آلي تساهم بفرز المخلفات بكميات كبيرة خلال فترة وجيزة عبر التعرف عليها.
وبالتالي لم يعد يلزم وجود العامل البشري بشكل كبير في هذه المرحلة كما كان يحدث قديمًا، بفضل الأجهزة المستخدمة من الشركات وقدرتها بالتعرف على مختلف المنتجات في لحظات وفرزها بصناديق خاصة ومن ثم جمع كل نوع على حدة.
حتى أن هذه المرحلة لم تعد تلزم وصول النفايات والمخلفات مفروزة مسبقًا، حيث أن بعض التقنيات أصبحت قادرة على فرز النفايات المختلفة على حسب نوعها حتى عند وجودها في مكب نفايات أو سلة مهملات واحدة – أي أن وجود صناديق المهملات بعدة ألوان على سبيل المثال لرمي كل نوع من النفايات بمكان خاص ربما لن يكون ضروريًا جدًا مع هذه التقنيات، لأنها ستتعرف على جميع المكونات وتعمل على فرزها حتى إذا كانت معًا.
وتعد شركة CleanRobotics واحدة من الشركات المميزة في هذا الجانب، حيث توفر صناديق نفايات روبوتية بفتحات موحدة باسم Trashbot لكن بعدة أقسام داخلية وبمجرد وضع الشخص للنفايات فيها ستقوم بفرزها بالقسم المناسب داخل الصندوق. وترى الشركة أن عملها يأتي بسبب عدم وجود معرفة كافية للكثير من الناس حول الصندوق الأنسب لما يرغبون برميه في حال كانت هناك عدة صناديق نفايات بألوان مختلفة، كما أن عدم معرفة الناس بإمكانية إعادة تصنيع العديد من المخلفات يعزز هذا التوجه.
لما لا تتغير التوجهات؟
من بين أطنان النفايات اليومية حول العالم، فقط 20% يتم جمعها والاستفادة منها في إعادة التصنيع، فيما تذهب 80% إلى مكبات النفايات الضخمة دون استفادة حقيقة. وهو ما يؤكد الحاجة لمزيد من الأفكار والشركات التي تركز على حل مشكلة لا تؤثر على مكان واحد، بل على البيئة كاملة.
ورغم الهدف النبيل من إيجاد هذه الشركات وتطوير المزيد من الحلول التقنية، يبلغ حجم سوق إعادة تصنيع النفايات العالمي أكثر من 60 مليار دولار أمريكي ومن المتوقع وصوله لما يقارب 90 مليار دولار أمريكي بحلول 2030، ما يعني وجود فرصة كبيرة للنجاح والنمو جغرافيًا وماليًا خاصة في المنطقة العربية التي تحتاج لذلك.