مقالات

التوجه الجديد: منصات الابتكار الافتراضية

شاركنا  المهندس فهد بن ناصر المغيصيب مشكوراً هذا المقال المميز حول منصات الابتكار الافتراضية. يحمل فهد بكالوريوس في الهندسة الصناعية من جامعة الملك سعود وماجستير في ريادة الأعمال التقنية والابتكار من جامعة كارلتون في كندا. وهو مهتم في بناء المنظومات الريادية للمشاريع الناشئه ويعمل حالياً كمدير منتجات في شركة حاضنات ومسرعات الأعمال بياك (BIAC).


في ظل الأزمة التي يواجهها العالم حالياً بسبب انتشار جائحة كورونا، ظهرت جلياً الحاجة للمشاريع التقنية التي توفر خدماتها عن بعد في جميع المجالات؛ كالتوصيل والتعليم وعقد الإجتماعات، وغيرها. هذه الخدمات ليست جديدة علينا وإنما ظهرت الحاجة الفعلية لها كخيار وحيد في ظل الأزمة الحالية، وكما يقولون في وقت الأزمات غالباً تصنع الثروات. قطاع منصات الابتكار (الحاضنات والمسرعات بالتحديد) والتي تقدم برامج لدعم وتطوير رواد الأعمال لإطلاق ونمو مشاريعهم الناشئة أحد هذه القطاعات المتأثرة من الأزمة الحالية نظراً لإعتمادها على التقارب الاجتماعي وخلق بيئة ريادة مصغرة من خلال تقديم التدريب والإرشاد والإحتكاك برواد أعمال آخرين.

توقف هذه البرامج عن العمل سيؤثر سلباً على كافة عناصر المنظومة الريادية entrepreneurship ecosystem وبالتأكيد مستثمري رأس المال الجريء هم أحد أهم هذه العناصر.

أعتقد أنه حان الوقت للتفكير بطريقة مختلفة والبدء في تبني فكرة وجود منصات افتراضية تقدم رحلة متكاملة لرائد الأعمال تساعده على تصور وإطلاق مشروعه الريادي ابتداءً من مرحلة الفكرة إلى مرحلة النمو والتوسع، وبطريقة احترافية يشرف عليها متخصصين واستشاريين وأصحاب خبرة في ريادة الأعمال.

تقوم فكرة المنصة على تقسيم الرحلة الافتراضية إلى ثلاث مراحل أساسية (التعلم – الإطلاق – النمو). يقوم رائد الأعمال في المرحلة الأولى بتعلم مهارات ريادة الأعمال بطريقة عملية وفق منهجيات السوق الحديثة تساعده في الخروج بمنتجه الأولي أو ما يسمى بـ Minimum Viable Product. فمثلاً لو افترضنا أن شخصاً لديه فكرة مشروع محل بقالة سجّل في المنصة وتعلم ماذا يعني مصطلح Market scalability وأهمية استيعاب زيادة الطلب في السوق دون تكلفة تشغيلية إضافية، فقد يغير فكرته في نهاية الرحلة التعليمية لتصبح (منصة إلكترونية لتوصيل أغراض البقالة). هذه المرحلة تكون غالباً مفتوحة للجميع وتقبل جميع الأفكار.

بعد إطلاق النسخه الأولية للمشروع MVP، تبدأ المرحلة الثانية والتي يقوم فيها رائد الأعمال بإستكمال رحلته والتقديم على المسرعة الافتراضية، حيث يتم تقييم مشروعه من قبل لجنة متخصصة تقوم بإستعراض وتقييم ما أنجزه خلال رحلته التعليمية وترشيحه لدخول المعسكر التدريبي أو ما يسمى بـ Boot Camp والتي ترشحه لدخول المسرعة. بعد قبول المشروع في المسرعة يبدأ رائد الأعمال بالاستفادة من خدمات المسرعة الإعتيادية ولكن بشكل افتراضي؛ مثل الإرشاد والتدريب والخدمات القانونية والمحاسبية والتسويقية والهندسية والمزايا الاستثنائية والتي ستساعده في تقليل تكاليف المشروع التشغيلية وتزيد من فرص تواجد المنتج في السوق لفترة أطول. عادة في هذه المرحلة تستثمر المسرعة نسبة بسيطة من المشروع أو يتم أخذ رسوم للخدمات المقدمة.

في المرحلة الثالثة يبدأ المشروع في التوسع وفتح أسواق جديدة، وهنا بالتأكيد سيحتاج لإستثمارات رأس المال الجريء وهنا تأتي القيمة المضافة للمستثمر حيث ستسمح المنصة لرائد الأعمال مشاركة رغبته في الحصول على استثمار ويتم مشاركة كامل رحلة المشروع مع المستثمر المحتمل، والتي ستساعد كثيراً في عملية الفحص النافي للجهالة أو ما يسمى Due Diligence والتي يعاني كثيراً من المستثمرين عدم وجود بيانات واضحة وموثقه للمشروع.

وبذلك تكون الرحلة الافتراضية قد اكتملت بحصول المشروع على الإستثمار ولكن: هل انتهى دور المنصة هنا؟ بالتأكيد لا. سيتم بناء بيت للخبرة Pool of Expertise عن طريق استقطاب أصحاب المشاريع الناجحة المتخرجة من هذه المنصة والاستفادة من تجاربهم والصعوبات التي مروا بها ليتم مشاركتها لتحفيز رواد الأعمال الاخرين.

أحد أفضل الأمثلة العالمية في هذا المجال، هو ما فعلته مسرعة Y-Combinator الأمريكية عندما قامت بإطلاق منتجها Startup School وهي عبارة عن منصة تعليمية لريادة الأعمال يتم استخدام مخرجاتها لاحقاً كـفلتر لاختيار المشاريع المقبولة في المسرعة. يتم التركيز في هذه المنصة على أهمية الإطلاق المبكر للمنتج والتطوير المستمر فيما بعد، ولديهم شعارهم الأساسي وهو (إذا كنا قادرين على مساعدتك في تحقيق شيء واحد هو أن تبدأ).

 

أدناه أبرز إنجازات Startup School في عام 2019:

  • شارك في المنصة التعليمية 41777 رائد أعمال (أصحاب أفكار)
  • تخرج من المنصة التعليمية 10193 (جميعهم لديهم منتجات أولية MVP)
  • 57% من المشاركين في المنصة أصبحوا يعملون على شركاتهم الناشئة كدوام كامل Full-time
  • 62% من المشاركين في المنصة هم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية

مقارنة بين منصات الابتكار الافتراضية ومنصات الابتكار التقليدية:

منصات الابتكار الافتراضية منصات الابتكار التقليدية
القدرة العالية على النمو من ناحية عدد الشركات المقبولة قدرة محدودة في عدد الشركات المقبولة
تنوع الأفكار وصقلها منذ البداية بالإضافة لضمان جودة المتقدمين على برنامج الاحتضان غالباً تنضم المشاريع للحاضنة أو المسرعة في مراحل ما بعد الفكرة
مساحة أكبر للابتكار ومعرفة توجهات السوق ابتكار محدود نظراً لمحدودية الأفكار التي تظهر للعلن
سهولة الوصول للفرص الجيدة من قبل رأس المال الجريء يتم الوصول للفرص عن طريق فعاليات عرض الإستثمار أو ما يسمى  Demo Day
التكلفة التأسيسية والتشغيلية للبنية التقنية التحتية متوسطة التكلفة التأسيسة والتشغيلية عالية جداً
يتم توفير المساحة المكتبية عن طريق الشراكات يتم توفير المساحات المكتبية بشكل اعتيادي
ضمان استمرارية الأعمال في أوقات الأزمات صعوبة استمرارية الأعمال في أوقات الأزمات

 

أعتقد أن الفرصة موائمة الآن للجهات المهتمة بريادة الأعمال (جامعات – حاضنات – مسرعات – صناديق رأس المال الجرئ) وغيرها لتبني هذا التوجه والبدء في إنشاء منصاتها الافتراضية، والتي ستكون باذن الله رافداً قوياً في تعزيز المنظومة الاقتصادية للمملكة.


المصادر:

https://www.startupschool.org/

https://ideagist.com/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى