مقالات

أطروحة الاستثمار

عند الحديث عن صندوق إستثمار جرئ، تجد أن أول سؤال يتبادر للذهن في الغالب هو: “بماذا يستثمر الصندوق؟”. رغم أن هذا السؤال قد يبدو بسيطاً وغير معقد في طرحه، إلا أنه من أهم الأسئلة التي تميز الصناديق عن بعضها والإجابة عليه هي ملخص ما يسمى بأطروحة الاستثمار “Investment Thesis”.

ويمكننا تعريف أطروحة الاستثمار على أنها الاستراتيجية أو خارطة الطريق التي يتبعها الفريق الاستثماري في مرحلة البحث والتصفية والمفاضلة واختيار الشركات المستثمر بها في الصندوق. وقد تطول أو تقصر الأطروحة بحسب رغبة مدير الصندوق، فلا توجد طريقة محددة لكتابتها، ومن المهم جداً أن تكون واضحة وسهلة الفهم.

تُعد أهم النقاط التي تشملها أطروحة الاستثمار هي:

  •  المرحلة المستثمر بها: هل يستثمر الصندوق في المراحل المبكرة فقط (مثل مرحلة البذرة وجولة أ)؟ أم أن الصندوق يستثمر في مراحل النمو فقط (والتي عادة ما تكون بعد الجولة ب)؟ أو المراحل المتأخرة (ماقبل التخارج)؟ أم أن استراتيجية الاستثمار هي خليط ما بين مختلف المراحل؟ ماهي الأسباب وراء ذلك؟ وماهي نسبة التوزيع بين المراحل؟
  • التركيز الجغرافي: ويقصد بها مقر الشركات المستثمر بها  أو السوق الذي تنشط فيه، هل سيكون التركيز على الاستثمار في الشركات في المملكة العربية السعودية، في الخليج العربي، في الشرق الأوسط؟ في أمريكا؟  وماهي أسباب اختيار هذه المنطقة أو الدولة بالتحديد؟
  • القطاع المستثمر به:  وتعد هذه أهم نقطة بل وحجر أساس الأطروحة، وعند مقارنة الصناديق في هذه النقطة بالتحديد يمكننا تقسيم صناديق الاستثمار الجريئة إلى ثلاثة أنواع:
    •  صناديق منتهزة للفرص في أي قطاع Opportunistic: بمعنى أنها تستثمر في شركات في كل المجالات دون وجود قاعدة ترتكز عليها أثناء البحث، فمتى وجدت فرص مناسبة استثمرت بها، وتتبنى كثير من الصناديق هذه الطريقة.
    • صناديق تستثمر في قطاعات محددة Sector Focused: فلا تبحث ولا تستثمر إلا في شركات في قطاعات بعينها، على سبيل المثال القطاع الصحي أو قطاع التقنية المالية، وعادة مايكون مدراء الصندوق والعاملين فيه متخصصين في هذه القطاعات وعملوا في هذا المجال لعدة سنوات قبل انضمامهم للصندوق.
    • صناديق لديها قناعات معينة Thesis Driven: تتبع هذه الصناديق طريقة عمل محددة وتكون مبنية على معتقدات تبناها الصندوق نتيجة استثماراته السابقة حيث عادة ما تبدأ هذه الصناديق استثماراتها كصناديق عامة تستثمر في كل الفرص ومع الوقت تجدها تميل إلى قطاعات محددة بحكم تراكم خبراتها في هذه القطاعات فتتكون لديها نظرة مستقبلية حول هذا السوق وتوجهاته والفرص والفجوات فيه.
  •  نموذج العمل: بعض الصناديق تستثمر في الشركات التي تقدم خدمات أو منتجات لشركات أخرى B2B، بينما تستثمر صناديق أخرى في شركات تقدم خدماتها ومنتجاتها للعميل مباشرة B2C، وبعضها يستثمر في كلا النموذجين.

كما قد تشمل أطروحة الاستثمار نقاط أخرى يأخذها الصندوق بعين الاعتبار عند استثماره بالشركات، كحجم السوق مثلاً، ثم قوة الفريق. وقد يكون من أهداف الاستثمار دعم ميزة تنافسية يتفرد بها الصندوق. كما قد يكون هدف الاستثمار استراتيجي وليس فقط لتحقيق عوائد مالية كما هو الحال مع الأذرع الاستثمارية للشركات الكبرى والصناديق السيادية أو الحكومية. وأيضاً قد تؤخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل دعم الأقليات، وتمكين المرأة، أو أهمية توافق الشركات المستثمر بها مع الشريعة الاسلامية أو الاستثمار لترك أثرر إيجابي مثل حماية البيئة (Impact Investing).  

وللتوضيح سأذكر بعض المعايير التي نتبعها في صندوق قرافين فنتشرز الثالث كمثال عند اختيار شركات المحفظة:

  • أن يكون حجم سوق مجال الشركة الناشئة ضخماً وفي نمو مستمر (مليارات الدولارات) لتحقيق عوائد عالية على مستوى الصندوق.
  • أن تكون الحلول التي تقدمها الشركة عالمية بحيث يسهل عليها التوسع والوصول إلى بلدان مختلفة وأجناس مختلفة  فمجتمعات اليوم مترابطة عالميًا.
  • نتبع نظام منهجي في الاستثمار وننظر نظرة شاملة لسلسلة القيمة ونبحث عن الشركات التي نجد فيها تكامل مع شركات محفظتنا الإستثمارية.
  • نبحث عن ونستثمر في رواد الأعمال المتميزين بأفكار جريئة يمكنها تحويل قطاعات بطرق مبتكرة وفي بعض الأحيان خلق أسواق جديدة، ودعم رحلتهم من المراحل الأولية إلى التخارج سواءً كان برأس المال أو بالخبرات و العلاقات التي نمتلكها.
  • نستثمر في الشركات ذات الكفاءة الرأسمالية والتي لديها القدرة على تحقيق تدفقات نقدية من الإيرادات.
  • نستثمر في الشركات الناشئة التي تكون فيها هوامش عالية لتحقيق عشرات أضعاف العوائد على الاستثمار.

وختامًا، من المهم أن نركز على أهمية أطروحة الاستثمار، لأنها أحد أهم الأسباب التي تجذب المستثمرين (أو كما يتم تسميتهم بالشركاء المحدودين) للاستثمار في الصندوق، حيث أن المستثمر قد يرغب في الاستثمار ضمن إطار محدد. كما أنها مهمة جداً لرواد الأعمال كون المتعارف عليه أن المؤسسين يبدأون بالتواصل مع الصناديق التي تتوافق أطروحاتهم مع شركاتهم الناشئة لأن فرصة استثمار الصندوق في شركاتهم الناشئة عادة ما تكون أكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى