شاركنا الأستاذ بدر الفوزان هذا المقال مشكوراً والذي يتناول مصطلح الأعلام الحمراء في عالم صناديق الاستثمار الجريء. والاستاذ بدر يعمل في صندوق الرياض تقنية، أحد أكبر الصناديق الجريئة في المنطقة.
في عالم صناديق الاستثمار الجريء هناك مصطلح يقال عنه “Red Flag” وهذا حرفياً يعني (علم أحمر). والعلم الأحمر أو الـRed Flag يعني أن هناك أمر أو مشكلة قد تجعل المستثمرين يمتنعون عن الاستثمار في مشروعك ويفضلون عدم المخاطرة. بالطبع هناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تكون Red flag وتختلف أهميتها من عدمها بحسب حجم المشكلة. وكذلك تتزايد أو تتلاشى أهميتها بحسب مرحلة المشروع وفئة الجولة الاستثمارية.
لذا أود أن أسلط الضوء على مجموعة من الأمور التي يعتبرها الكثير من المستثمرين كـ Red flag. وذلك من خلال الاطلاع على تجارب عدة في صندوق رياض تقنية ومن خلال الاطلاع على تجارب عالمية ومحلية أخرى.
الأعلام الحمراء التي تخص (فريق التأسيس)
-
عندما يكون المؤسسين عاطفيين
وهذا الأمر يعتبر مشكلة ليست بالبسيطة وخاصة للمشاريع التي تعتمد على المؤسسين بشكل كبير. ففي عالم ريادة الاعمال من المؤكد أن يواجه رواد الاعمال الكثير من التحديات والمشاكل لذا لو أصبحوا عاطفيين فلن يتمكنوا من إدارة الفريق بشكل صحيح، ولن يتمكنوا كذلك من تجاوز الكثير من العقبات لذا يفضل الكثير من المستثمرين عدم الاستثمار في المشاريع التي يميل مؤسسيها للعاطفة اكثر.
-
البحث عن التخارج بشكل سريع
عندما يصرح المؤسسين عن رغبتهم في بيع الشركة أو التخارج خلال سنة أو سنتين، فهذا يعني عدم التوافق مع استراتيجية الاستثمار لدى الكثير من صناديق الاستثمار الجريء مما يجعل الكثير من المستثمرين يتراجعون عن الاستثمار وإن كانت الفرصة مغرية.
-
عدم القدرة على شرح وعرض المشروع او نموذج العمل
أحياناً تكون فكرة المشروع جيدة والمشكلة التي يحاول رائد الاعمال حلها كذلك ملموسة ولكن يواجه المؤسسين صعوبات ومشاكل في شرحها وتوصيلها للمستثمرين، مما يدل على مدى تعقيد نموذج العمل وذلك يجعل المستثمرين يفضلون عدم أخذ المخاطرة بالاستثمار كون نموذج العمل معقد وغير واضح لهم.
-
عدم الاجابة على الاسئلة المفصلية
أحياناً لا يجيب رائد الاعمال على بعض الاسئلة المفصلية والمهمة للمستثمرين مثلاً كيف تتميز وتختلف عن منافسيك؟ ماهي رؤية الشركة خلال الخمس سنوات القادمة؟ متى تعتقد انك ستصل لنقطة التعادل؟ هنا يوجد احتمالين؛ إما عدم معرفة رائد الاعمال للإجابة أو محاولة لإخفاء بعض الامور عن المستثمرين. جميعها تعتبر كعلم أحمر يقف عنده المستثمرين.
-
الثقة الزائدة أو الغرور
ليس من النادر أو الغريب أن يكون رائد الاعمال ذو ثقة عالية أو ربما غرور. غالباً يحاول المستثمرين مساعدة رائد الأعمال والوصول لحلول أو أفكار تفيد الطرفين كون المستثمرين اطلعوا على الكثير من المشاريع والمشاكل التي واجهتهم مع مشاريع أخرى في محفظتهم الاستثمارية أو من خلال شبكة علاقاتهم الواسعة في المجال. ولكنهم قد يواجهون رواد أعمال غير متقبلين لأخد النصيحة والتوجيه مما يجعل المستثمرين يفضلون عدم أخذ المخاطرة.
-
عدم معرفة المؤسسين لبعض مدة كافية
بعض المشاريع الناشئة التي تحتاج تنفيذ بشكل كبير تتطلب فريق عمل ذو توافق كبير فيما بينهم. لذا لو كان المؤسسين لا يعرفون بعضهم البعض لمدة كافية يكون ذلك علم أحمر يقف عنده المستثمرين خوفاً من عدم وجود توافق وتعاون فيما بينهم بالمستقبل.
-
عدم مشاركة غرفة البيانات ( data room) بعد عدة لقاءات
يعد المستثمرين هذا الأمر كعلم أحمر بعد عدة لقاءات جيدة مع رائد الأعمال وذلك لأنه يدل على إما محاولة رائد الأعمال لإخفاء أمر ما أو عدم وجود غرفة البيانات كلياً. كذلك يعتبره كثير من المستثمرين عدم جدية رائد الاعمال وفقد للاحترافية.
-
المصداقية والشفافية
عادةً بعد عدة لقاءات مع المستثمرين يتضح لهم بشكل كبير مدى شفافية ومصداقية رائد الأعمال، لذا عندما يجد المستثمرين عدة أمور تشير لعكس ذلك فإنهم يفضلون عدم المخاطرة والاستثمار.
-
عدم وجود التزام للعمل والتفرغ
في بعض الأحيان يجد المستثمرين فريق رائع بنموذج عمل قابل للتطبيق أو مثبت الفعالية ولكن المؤسسين ليس لديهم رغبة للتفرغ والالتزام، وهذا يعد علماً أحمراً كونه يشير إما لعدم اهتمام المؤسسين بالقدر الكافي أو عدم ثقتهم بما يقومون به أساساً.
الأعلام الحمراء التي تخص (المشروع)
-
عدم وجود مؤشرات نمو جيدة بعد فترة طويلة
بالطبع تختلف الفترة بحسب اختلاف طبيعة المشروع؛ فمثلاً للمشاريع التي تكون B2B لو كان هناك فقط عميل واحد بعد سنة من العمل فهذا يعتبر علم أحمر، أو مثلاً في المشاريع التي تكون B2C يتم النظر للـ GMV و معدل نمو المستخدم ومقارنتها بالمنافسين المباشرين. لو أصبحت المؤشرات أقل من المتوسط فقد يعتبره المستثمرين علم أحمر لأنه يشير لاحتمالين، إما عدم عمل الفريق بالشكل الكافي لبيع المنتج أو رفض السوق لنموذج العمل وعدم اثبات فعاليته.
وهذا يأخذنا لنقطة أخرى وهي أهمية وصول المنتج لمرحلة ملائمة السوق ( Product Market Fit )، فلو طالت مدة عمل الشركة مع عدم اثبات وصولها لهذه المرحلة فقد يعتبره كثير من المستثمرين كعلم أحمر وخاصة في مرحلة ما بعد البذرة.
-
جميع مؤشرات النمو من عميل واحد
عندما تكون مؤشرات النمو قادمه من عميل واحد فقط فهذا يعتبر علم أحمر لأنه ببساطة يدل على أمرين؛ إما عدم تجربه المنتج من قبل عملاء آخرين أو أن المنتج يحتاج لتعديلات ومتطلبات خاصة لكل عميل.
-
نمو المستخدمين يعتمد على ميزانية التسويق بشكل كبير
تحديداً للمشاريع التي تكون B2C، فعندما تكون تكاليف التسويق مرتفعة فهذا يعني أن هامش الربح غالباً سيبقى منخفض أو معدوم عندما تقوم الشركة بالتوسع والنمو وزيادة معدل نمو المستخدمين كونها تحرق الكثير من “الكاش” للحصول على عملاء اكثر.
-
GMV مرتفع مع هامش ربح منخفض او معدوم
تحديداً لبعض منصات البيع ( marketplaces ) يكون الـ GMV مرتفعاً، وهذا يعتبر مؤشر جاذب ولكن ما يهم اكثر في النهاية هو هامش الربح.
لذا هذا يعني ربما عدم معرفة المؤسسين بطريقة الوصول لهوامش ربح جيدة أو يشير إلى أن الشركة ستحتاج الكثير من المال للبقاء مما يعني جولات استثمارية اكثر.
-
أن يكون نموذج العمل تقليدي ( مخاطر قليلة عوائد قليلة ) بدلاً من نموذج عمل ابداعي وقابل للنمو ( مخاطر عالية وعوائد عالية)
الكثير من المشاريع الناشئة تكون مربحة وتعمل بشكل جيد، ولكن يكون نموذج عملها تقليدي نوعاً ما وغير قابل للتوسع والنمو وهذا يعتبر علم أحمر للمستثمرين لأنهم يبحثون عن عوائد مرتفعة، لذا ينصح المستثمرين هذه النوعية من المشاريع للجوء إلى مستثمرين أفراد أو قروض بنكية للمحافظة على نسب الملكية في الشركة كونها مربحة ولكن غير قابلة للنمو بشكل كبير وهذا بالطبع لا تبحث عنه صناديق الاستثمار الجريء.
-
وجود محاولات فاشلة سابقة لمشاريع مشابهه في نفس المجال
أحياناً يجد المستثمرين في مرحلة الفحص النافي للجهالة عدة مشاريع مشابهه بشكل كبير في نفس المجال لعدة سنوات وتكون هذه المشاريع لديها بعض العلامات التي تشير لعدم نجاحها مثل دخولها في جولة استثمارية واحدة خلال 3 سنوات.
وهذه الامور تدل على وجود مخاطر أو مشاكل في نموذج العمل يجب على المستثمرين معرفتها. وأحياناً تكون المشكلة فقط في فريق العمل ولكن يصعب معرفة ذلك. وما يزيد المشكلة سوءاً، هو عندما لا يستطيع رائد الأعمال اقناع المستثمرين بالميزة التنافسية التي يمكن من خلالها تغيير قوانين اللعبة والتفوق على الشركات المشابهة الموجودة في المجال.
-
فرص تخارج محدودة
في بعض الأحيان، يكون حجم السوق كبيراً جداً ولكن تكون فرصة التخارج ضعيفة لعدم وجود لاعب رئيسي في المنطقة يستطيع الاستحواذ على الشركة أو لديه القدرة والرغبة في صرف مبلغ كبير للاستحواذ.
لذا كلما كانت فرص التخارج قليلة وغير واضحة أصبح ذلك بمثابة علم أحمر للمستثمرين.
هذه بعض الأعلام الحمراء التي يعدها الكثير من المستثمرين كنقاط توقف تمنعهم أحياناً من الاستثمار وأخذ المخاطرة. لذا، كرائد أعمال احرص على معرفتها وايجاد حلول وأجوبة لجميع الامور التي تعد كعلم أحمر يتوقف عندها المستثمر.
في المستقبل القريب بإذن المولى سأشارككم بعض الاعلام الحمراء في الجولات الاستثمارية وكذلك في هيكلة الجولة الاستثمارية.