مقالات

ما هو الـWebrooming؟ وكيف يؤثر على تجربة وولاء العملاء

في عام 2008 أطلقت ستاربكس برنامج ولاء حقق نجاحًا ونتائج غير مسبوقة. ركز البرنامج على تخصيص تجربة العملاء على نحو متقدم، فمثلًا يحصل العميل على مشروب مجانًا في عيد ميلاده، بالإضافة إلى تقديم اقتراحات مخصصة بناء على طلباته السابقة، كما يمكنه فور دخول المتجر إضافة الأغنية التي يفضلها إلى قائمة تشغيل سبوتيفاي.

أدخلت هذه اللمسات البسيطة في برنامج الولاء السعادة إلى قلوب المستخدمين، وأصبح معها تطبيق الولاء الأكثر استخدامًا في العالم، وساهم العملاء المشاركين في البرنامج بما يزيد على نصف إيرادات ستاربكس بحسب قول الرئيس التنفيذي في ذلك الوقت هوارد شولتز.

كان لبرنامج ولاء ستاربكس الريادة في مزج التجارب الحقيقية بالتجارب الرقمية أو ما يطلق عليه “Webrooming”، إذ يمكن للعملاء الدفع بسهولة وشراء المشروب من المتجر، كما يمكنهم خوض التجربة الرقمية التي يقدمها والمتمثلة في المشاركة ببرنامج الولاء والفوز بمكافآت مجانية.

ما هو الـ Webrooming؟

الويب رومينج “Webrooming” هو عالم يمتزج فيه الواقع الحقيقي بالعالم الافتراضي، حيث يشتري العميل المنتج أو يحصل على الخدمة في الواقع الحقيقي لكن رحلته في التسوق تتم بالأساس في العالم الافتراضي عبر الإنترنت، بدءًا من استعراض المنتج ومقارنته مع المنتجات الأخرى مرورًا بالشراء والدفع وحتى التقييم.

كان يتم ذلك سابقًا من خلال تطبيق يمتلكه المتجر أو من خلال أجهزة البيع الذاتية، ولكن لم تكن العملية منظمة آنذاك. أما بعد انتشار رموز الاستجابة السريعة في كل مكان تقريبًا وتجاوب الجمهور معها فتح ذلك آفاقًا وفرصًا جديدة.

مثلًا في تجارب التسوق تلك التي تتم فيها رحلة العميل من البداية إلى النهاية عبر الإنترنت، يسهل قياس كل شيء كان من الصعب تتبعه وتسجيله في العالم الحقيقي، على سبيل المثال تكلفة الاستحواذ على العميل والقيمة الدائمة لكل منهم ومعدل تسرب العملاء والعائد على الحملات الإعلانية، جميع هذه البيانات وغيرها يسهل قياسها في عالم الـ Webrooming.

ليس سرًا أن هذه البيانات الثمينة التي يسهل الحصول عليها من تجارب التسوق الرقمية، كانت أحد أهم أسباب نمو العديد من الشركات التي نجحت في قياس مؤشرات الأداء الهامة الخاصة بها على نحو دقيق للغاية.

كوفيد وما بعده: انبعاث جديد لتقنية قديمة

منح وباء كوفيد للرقمنة دفعة لم يكن يتخيلها أشد المتفائلين، بدءًا من العمل عبر الإنترنت والتعليم عن بعد وحتى الدفع الإلكتروني، وتغيرت أوجه الكثير من الأنشطة الروتينية لتصبح رقمية. سنفهم إلى أي مدى تحقق ذلك بإلقاء نظرة سريعة على الأرقام التي يتم إعلانها دوريًا من البنك المركزي السعودي “ساما” حول المدفوعات، إذ تشير الإحصاءات إلى زيادة المدفوعات الرقمية بنسبة 20% بنمو سنوي مركب من عام 2016 حتى نهاية 2022، وهي إحدى انعكاسات انتشار تقنية الدفع الرقمي من خلال البطاقات وايرليس وآبل باي، بالإضافة إلى مدى التي أطلقت منتجًا مشابهًا لتغطية الفجوة التي تركتها شركة جوجل عندما تأخرت في تدشين خدمتها جوجل باي.

بذات الطريقة التي ساهمت بها أنظمة المدفوعات اللاتلامسية في نقل المدفوعات إلى شكلها الرقمي، شاركت أيضًا تقنية رمز الاستجابة السريع (QR Code) في رقمنة المدفوعات. هذه التقنية واحدة من أهم التقنيات الرابحة في الظروف الوقائية التي صاحبت تفشي الوباء، إذ انتشرت كالبرق في استعراض الإعلانات ووسائل الدفع الرقمي والمطاعم والمقاهي لاستعراض قائمة المنتجات وبرامج الولاء، ومهدت بذلك لاقتصاد جديد موازي للاقتصاد النمطي والتجارة الإلكترونية ألا وهو اقتصاد الـ Webrooming الجديد.

قطاع الضيافة أبرز الرابحين

تؤكد أرقام البنك المركزي السعودي أن قطاع المطاعم والمقاهي كان له نصيب الأسد في زيادة المدفوعات الرقمية، إذ نلاحظ تضاعف الأرقام عن المتوسط العام الذي أشرنا له آنفًا (20%)، فبلغ معدل النمو المركب في قطاع الضيافة وحده حوالي 42%.

ليس في المملكة فحسب، بل على الصعيد العالمي أيضًا، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 94% من المطاعم الأمريكية تقدم خيار الدفع بدون تلامس وهي الطريقة التي تروق لـ 82% من العملاء. كما أن Lightspeed الاسم البارز في عالم أنظمة نقاط البيع تؤكد أن نسبة استخدام رموز QR تضاعفت من 4.9٪ في أغسطس عام 2020 لتصبح 15.2٪ خلال عام واحد فقط.

يتضح من ذلك أن قطاع المطاعم لديه الفرصة الأكبر في الاستفادة من مميزات رموز QR وعالم الويب رومينج الناشئ، فالآن لم يعد الزبون بحاجة إلى طلب قائمة الطعام من النادل إذ بإمكانه تصفح القائمة الإلكترونية وطلب الطعام بمسح رمز QR والدفع، خاصة إذا كان من أبناء جيل الألفية والجيل زد الذين يفضلون الخدمة الذاتية كونها لا تضطرهم إلى الانتظار عمومًا.

سلوك الأجيال الذي يرسم المستقبل

لا تقف طموحات جيل الألفية الذي نشأ في رحاب الإنترنت وثورة الاتصالات عند حد الحصول على منتج جيد وخدمة سريعة، بل تتطلع إلى ما هو أكثر، حيث يفضل ما يزيد على نصفهم البدائل الإلكترونية في التسوق، تعني هذه البدائل في قطاع المطاعم تصفح قائمة الطعام واختيار الأصناف والدفع عبر الهاتف الجوال بدلًا من الطريقة التقليدية.

من هذا المنطلق يبدو أن المستقبل يحمل المزيد من التوسع والانتشار لتقنية رمز الاستجابة السريع في قطاع الضيافة في السوق السعودي خصوصًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن 70% من سكان المملكة هم بعمر أقل من 35 سنة، وبالتالي هم مواطنون رقميون نشأوا في هذا العالم الرقمي المألوف بالنسبة لهم. مع ما يحمله انتشار هذه التقنية من آفاق تتجاوز مجرد تسهيل طلب الطعام وتوفير نفقات تشغيلية وتسويقية، فمثلًا دراسة سلوك العملاء هي أهم نقطة يجب استغلالها في هذا السوق الجديد، إذ تساعد الدراسة في استخراج رؤى قيمة من تتبع السلوك الطبيعي للعملاء، وبالتالي الاستفادة منها بشكل تجاري يعود بالربح على كل الأطراف ذوي العلاقة.


شاركنا بهذا المقال مشكورًا، محمد النجار، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة مبشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى